شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره

صفحة 413 - الجزء 1

  لكلام جده القاسم #(⁣١)، وموافق لما ذكره الإمام # لأن العرش إذا كان عبارة عن ملك الله وعزه فهو من صفات العظمة وكذلك الكرسي إذا كان عبارة عن علم الله سبحانه وإحاطته بالأشياء فهو من صفات العظمة وصفات الله سبحانه هي هو لا غيره وكذلك تدبيره جل وعلا واقتهاره وسلطانه، والمعنى أن هذه الصفات له جل وعلا لا على إضافة شيء إليه تعالى كما قد تكرر ذكره في أثناء ما تقدم.

  وأما قوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ}) [الحاقة: ١٧]، فهو على حذف مضاف أي: أمر عرش ربك أي: أمر ملك ربك، وهو ما يتعلق بالمخلوقين من المحاسبة وإيصال الثواب والعقاب إليهم ونحو ذلك، والله أعلم.

  (وقيل: بل) الكرسي عبارة عن (ملك الله) تعالى وقد ورد استعماله بمعنى الملك في قول أسعد تبع⁣(⁣٢):


(١) قال المولى العلامة الحسين بن يحيى الحوثي ¦ في (القول السديد): هذا، واعلم أن في كلام الهادي في العرش والكرسي اضطراباً أشكل على كثير من الطلبة، وكذا في كلام جده القاسم @، فتأملت كلامهما فإذا هما يريدان أن ليس مع الله عرش وكرسي حقيقة يقعد عليهما حتى يلزم التشبيه، وإنما هو تمثيل وكناية عن الملك، وقد اتفقا على تفسيرهما بالملك، وليس المراد بالملك المملوك، بل الملكية المحيطة بالكون، والمراد بالملكية القدرة المحيطة بكل شيء لا كإحاطة الأسوار والجدران، بل إنه قادر على السموات والأرضين وما بينهما تبديلهما وإعدامهما وتغييرهما وتحويلهما وإيجاد غيرهما، وقد صرح به الهادي # ولهذا جعلهما من صفات الذات، وصفاته تعالى ذاته. ومعنى ذلك: أن ليس لله آلة يعلم بها أو يقدر بها أو يسمع بها أو يبصر بها، بل ليس إلا مجرد الذات، ولا يمكن ولا يصح أن يكونا من صفات الذات إلا إذا جعلناهما بمعنى القدرة أو العلم، ولا يصح بمعنى المملوك؛ لأنهما يتنافيان مع قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، وقوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}⁣[هود: ٧]، لأن السموات والأرض والماء هي المملوكات فتكون إذاً هي العرش والكرسي فيصير المعنى إذاً: وسعت السموات والأرض أنفسهما، وكان الماء على الماء، وهذا لا يصح. هذا توجيه كلامهما @ وهو كلام قويم. انتهى بلفظه.

(٢) أسعد تبع: هو أسعد الكامل ابن ملكي كرب ابن تبع الأكبر من ملوك حمير، كان ملكا عظيما شاعرا فصيحا، وهو أحد المعمرين عمر ثلاثمائة وإحدى وخمسين سنة، مات بـ (غيمان) وقبره =