شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[المقدمة]

صفحة 43 - الجزء 1

  (الحمد): اعلم أن الحمد هو الثناء الحسن والوصف الجميل على الفواضل والفضائل مطلقاً، وقيل: الفضائل الاختيارية لا نحو تمام الشكل وحسن الوجه ولا يكون إلا قولاً باللسان والشكر لا يكون إلا على الفواضل وهي النعم ويكون بالجنان واللسان والأركان.

  والمدح كالحمد إلا أنه يكون على الفواضل والفضائل وهي صفات الكمال مطلقاً اتفاقاً والمتبع في ذلك استقراء اللغة.

  قال # في تفسير الحمد لله: أي: المدح والثناء الحسن (لله) لا يخرج منه إلا ما لا يجوز عليه سبحانه نحو شجاع كريم الآباء وإلا ما خصه دليل لأن اللام إذا دخلت على الجنس فهي مفيدة للاستغراق وهو أعم من الشكر من حيث إنه يقابل به النعمة شكراً عليها ويكون لأجل صفات الكمال، والمدح والثناء لا يكونان إلا باللسان، والشكر أخص منهما؛ لأنه في مقابلة النعمة فقط، ويكون باللسان وبالجنان اعترافاً بالنعمة وتعظيماً للممتن بها، ويكون بالأركان التي هي جوارح الإنسان وذلك حيث يأمره بأمر أو ينهاه عن أمر؛ فإنه يجب امتثاله لمكان الملك والنعمة.

  قال #: وإنما فسرنا الحمد بالمدح والثناء الحسن؛ لأنه يصح أن نحمد الله سبحانه بنشر أوصافه الذاتية، على مننه الاختيارية، كما نحمده بنشر فضائله الاختيارية عليها قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}⁣[الإسراء: ٤٤]، وقوله تعالى حاكياً: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ}⁣[البقرة: ٣٠]، والباء مثلها في قولك: «كتبت بالقلم» كما هو السابق إلى الفهم.

  والتسبيح هو تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين وعن العدم وعن الحدوث وعن الجهل وعن نفي القدرة وغير ذلك مما يستلزم من تنزيهه ثبوت صفاته الذاتية وغيرها فكان تنزيهه بحمده الذي هو غير الاقتصار على فضائله تعالى الاختيارية، ومن قال إن الباء للمصاحبة أو لغيرها فإنا نقول: غاية ما في الباب