(فصل): في تنزيهه تعالى عن مشابهة غيره
  وقال (ضرار)(١) بن عمرو من المجبرة: (يُرى تعالى) في الآخرة (بحاسة سادسة) يخلقها الله تعالى غير الحواس الخمس.
  (قلنا: لا يعقل) ذلك، (فإن عنى به ما ذكره الرازي) أي: إن أراد ضرار بقوله ما ذكره الرازي وهو المعرفة الضرورية (فالخلاف) بيننا وبينه (لفظي أيضاً).
  وقالت (المجسمة) والحشوية المشبهة: إنه تعالى يرى في الآخرة في جهة دون جهة وأنه يجوز لمسه تعالى عن ذلك (كالمرئيات) من الأجسام والأعراض (بناء على مذهبهم) في التجسيم، (وقد مر إبطاله) أي: إبطال قولهم: إن الله تعالى عن ذلك جسم.
  (قالوا) أي: القائلون بأنه تعالى يرى: (قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢}) أي: ناعمة حسنة من النظارة ({إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة])، فزعموا أن المراد إلى ربها مبصرة.
  (و) قالوا: قد ورد (في الحديث: «سترون ربكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر».)
  (قلنا) رداً عليهم: (معنى قوله تعالى): {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} أي: منتظرة لرحمته) وثوابه، (كقوله تعالى) في قصة بلقيس: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ (فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}[النمل: ٣٥]، أي: منتظرة) لما يأتي به المرسلون من خير أو شر، ويقول القائل: إنما ينظر العبد إلى سيده، وإنما أنظر إلى الله ثم إليك، وقال الله تعالى يخبر عن أعدائه: أنه لا ينظر إليهم ولا يكلمهم.
  (و) مثل (قوله تعالى) حاكياً عن الأشقياء كالمنافقين وغيرهم: ({انْظُرُونَا}) أي:
(١) ضرار بن عمرو الكوفي ويقال الغطفاني، كان معتزلياً ثم خالفهم إلى المجبرة وأصبح رئيس فرقة من فرقها تسمي الضراريه، إلا أنه كان يأخذ بطرف من أقوال المعتزلة وتفرد بأقوال لم يوافقه فيها أحد لشناعتها، قيل: تتلمذ لواصل بن عطاء في بداية أمره وقيل: إنه كان في أيام الرشيد، وكان قد حكم عليه بالقتل فأخفاه خالد بن يحي البرمكي، قيل: إنه توفي في سنة مائة وتسعين للهجرة، وقيل: في مائتين وثلاثين، وكان من تلامذته حفص الفرد. (مصادر متفرقه).