شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[المقدمة]

صفحة 45 - الجزء 1

  والشجاعة، وفواضل العطاء والإحسان، ولا يكون على غير الاختيار مثل حسن الوجه وتمام الشكل وبهاء الجبين، والمدح يكون على كل من الأوصاف الاختيارية وغير الاختيارية فكل حمد مدح ولا عكس، ولا يرد على هذا ما أورده بعض متأخري المفسرين من أنه يلزم منه ألا يصح إطلاق الحمد لله على صفاته الذاتية لأنا نلتزم ذلك ونقول: نمدح الله بصفاته الذاتية ولا نقول إنه يحمد عليها بمقتضى وضع اللغة العربية كما أنا نقول: إنه يحمد سبحانه على الفواضل والفضائل الاختيارية، ويمدح على الاختيارية وغير الاختيارية ولا يصح أن يطلق الشكر له تعالى عليها؛ لأن الشكر يختص بالفواضل؛ فلا يكون إلا عليها وهي النعم المبتدأة إلى الغير، وهو أخص من الحمد والمدح من جهة السبب، وإن كان أعم منهما من جهة المورد؛ لأنه]⁣(⁣١) يكون باللسان والجنان والأركان والحمد والمدح لا يكونان إلا باللسان؛ فبينه وبينهما عموم وخصوص من وجه، وهما فيما بينهما عموم وخصوص من كل وجه؛ لأن المدح أعم من الحمد من كل وجه، والمدح والحمد أخوان من حيث كان كل حمد مدحاً وإن لم يكن كل مدح حمداً. انتهى كلام الإمام شرف الدين #.

  (الذي فلق إصباح العقول) أي: أخرج ونشر إصباح العقول، والفلْق بسكون اللام الشق والنشر، والإصباح: الإضاءة، واسم الصبح وهو نور الفجر المنتشر، شبه توفيق الله العلماء وهدايتهم لإصابة الحق من معرفته تعالى وغيرها من سائر المعارف بسبب زيادة في العقل بعد الجهل المشبه بالظلمة فالتشبيه في الحقيقة راجع إلى زيادة العقل - بالنور المشقوق المنتشر الحاصل بعد ظلمة الليل، وأتى بما يلائمه من الفلق والإصباح؛ للدلالة على التشبيه المضمر في النفس، ويسمى لفظ العقول استعارة بالكناية؛ لأنه كنى بها عن الأنوار، ولفظ «فلق»


(١) إلى هنا انتهى السقط.