شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): [في استحالة الفناء على الله]

صفحة 446 - الجزء 1

  (فإن قيل: فهل يكفرون) أي: فهل يكفر من جعل ذات الباري تعالى أو المقتضي الذي هو الصفة الأخص علة في صفاته لما يلزم من القول بذلك من الجهل بالله تعالى واضطراره وتشبيهه بغيره؛ لأنه من جزم باحتياج الله سبحانه إلى شيء أو تشبيهه بشيء فلا شك في كفره لجهله بالله سبحانه، ونسبة صفة النقص إليه تعالى.

  وهل يكونون (كالمجبرة) والمشبهة كفاراً لجهلهم بالله سبحانه ونسبتهم صفات النقص والجور إليه تعالى عن ذلك حيث جعلوا صفات الله سبحانه معاني قائمة بذاته ونسبوا فعل الظلم والجور إليه، وشبهوه بخلقه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً؟

  قال #: (قلت: لا) أي: لا يكفرون بذلك؛ (لأنهم) أي: القائلين بتأثير العلة والمقتضي (لم يثبتوا شيئاً محققاً يكون الله سبحانه مضطراً) بسببه (أو محتاجاً إليه تحقيقاً؛ لتلاشي ذلك) أي: لبطلانه.

  أما المقتضية فواضح قولهم في تلاشي المقتضي (كما مر).

  وأما من جعل الذات علة في الصفات فإنهم قالوا إن الصفات أمور زائدة على الذات لا تسمى شيئاً ولا لا شيء مع إنكارهم أيضاً أن تكون ذات الباري علة في الصفات كما مر ذكره عنهم في فصل المؤثرات.

  (فلم يجهلوا بالله سبحانه، ولم يتعمدوا سب الله، وإنما أخطأوا؛ حيث لم يتنبهوا لذلك اللازم) من كونه تعالى مضطراً ومحتاجاً ومُشبِهاً لغيره من الذوات في الذاتية وفي الثبوت في الأزل، (ومن لم يتعمد سب الله فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ) وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب: ٥]، (ولم يفصل) تعالى بين الخطأ في مسائل التوحيد والخطأ في غيرها.