(فصل): [في استحالة الفناء على الله]
  معناه: اتفق أهل الحق على أن المعدوم حالة العدم نفي محض ليس بشيء وإنما تعرض له الشيئية مع أحد الوجودين يعني الخارجي والذهني.
  قال: وذهبت المعتزلة إلى أن المعدوم الممكن ثابت حالة العدم وزعموا أن الثبوت أعم من الوجود وفسروه بكون الماهية متقررة في كونها تلك الماهية مثلاً.
  قالوا: والمعنى بكون السواد المعلوم ثابتاً كونه في حالة العدم متميزاً عن البياض.
  قال: وسلموا أن المعدوم الممتنع نفي محض وسموه منفياً، وقسموا الثابت إلى موجود ومعدوم، والمعدوم إلى ثابت ومنفي، وجعلوا المعدوم في مقابل الموجود والثابت في مقابل المنفي.
  ثم قالوا: لا تأثير للفاعل في ثبوت الماهية بل في إعطاء الوجود.
  قال: وهذا بعينه هو قول الفلاسفة.
  قال الإمام المهدي #: وقوله إن المعتزلة قسمت المعدوم إلى ثابت ومنفي غير سديد فإنهم لا يسمون المنفي معدوماً. انتهى ما ذكره الإمام المهدي #.
  وإذا كان هذا معتقد المعتزلة فأي مقالة أقبح وأشنع من القول بأنه لا تاثير لله سبحانه في إثبات ذوات أصول العالم ولا في صفاته الذاتية له وأنه غير عالم بصفتها الوجودية مع كونه هو الفاعل والموجد لها، ومع كون مقالتهم هذه تشبه قول الفلاسفة بأن أعيان العالم موجودة في القدم وقياسهم للباري تعالى على المخلوقين في كثير من مسائل الصفات، وقولهم إن مقدوراته تعالى لا نهاية لها لأجل كونه تعالى قادراً لذاته أو لما هو عليه في ذاته، ويجب أن يثبت مقدوره في الأزل(١) لأجل تعلق القدرة به، وقولهم إنه يستحيل فناء بعض الجواهر دون بعض ولا يمكن ولا يقدر الله عليه بل إذا أراد الله فناءها أوجد عرضاً لا في محل
(١) كتب في الأصل: العدم. وكتب فوقها: الأزل. أما في (نخ ب) فلم يكتب إلا الأزل فقط.