شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: والله لا إله غيره)

صفحة 457 - الجزء 1

  وسواء قدرنا بعد ذلك أن العالم في نفسه متناه أو غير متناه فإن فَقْد العلم بتناهيه لا يطرق علينا خللاً في حدوثه وأن له محدثاً فإذا حصل لنا هذان الأمران فقد كمل المطلوب.

  الوجه الثالث: أنْ نُقَرر أن العالم في نفسه متناه وبيانه أنا نقول العالم تصح فيه الزيادة والنقصان وما صح فيه الزيادة والنقصان كان متناهياً وذلك لأنا لو قدرنا أن الله أوجد الآن من الحوادث مثل نصف العالم فضممناها إلى ما كان موجوداً من قبل ثم جعلنا العالم وحده من غير هذه الزيادة جملة أُوْلَى والعالم مع هذه الزيادة جملة ثانية.

  ثم أطبقنا في الوهم بين الجملتين فليس يخلو الحال إما أن يظهر التفاوت من الجانب الآخر أو لا يظهر.

  فإن لم يظهر فهو محال لاستحالة أن يكون الشيء مع غيره كهؤلاء مع غيره، وإن ظهر التفاوت كانت الجملة الناقصة متناهية والجملة الزائدة زادت عليها بمقدار نصف العالم والمتناهي إذا ضم إلى المتناهي كان متناهياً فيجب الحكم على كون العالم متناهياً وهذا هو المطلوب.

  الحكم الثالث: ذهبت الثنوية أن النور خير كله لا يفعل الشر، وأن الظلمة شر كلها لا تفعل شيئاً من الخير وبنوا على هذا أن الآلام قبيحة كلها وأن الملاذ حسنة كلها وأن الفاعل الواحد لا يكون فاعلاً للشر والخير جميعاً.

  قال: والاعتراض على ما أبرزوه من هذه الحماقات من وجهين:

  أما أولاً: فنقول: ما برهانكم على هذه الأصول الردية؟ وما يمنعكم من تعليقها بفاعل أحكم صنعتها فقدرها وعلم حقائقها فأتقنها ودبرها من غير حاجة منكم إلى تقرير هذه الأوهام التي لا تمسك بها ولا اعتصام.

  وأما ثانياً: فهذا باطل بصور كثيرة منها: أن الظلمة تستر الهارب من عدوه والضوء يدل عليه، والظلمة تعين على النوم والاستراحة والضوء ربما يمنع منها