شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل: والله لا إله غيره)

صفحة 458 - الجزء 1

  وإدامة النظر إلى الأشياء المشرقة يفسد البصر، والأشياء المسودة تجمعه وتنفعه في بعض الأوقات.

  ومنها: أن النظر إلى سواد شعر الجارية الحسناء وسواد حدقتها ألذ من النظر إلى بياض شعر العجوز وبياض برصها.

  فثبت بهذه الصور أن النور تحصل منه الأمور المكروهة التي تنفر عنها الطباع، وأن الظلمة تحصل منها الأمور المحبوبة التي تلائم النفوس وتحبها وفي هذا بطلان ما زعموه من إضافة كل خير إلى النور وإضافة كل شر إلى الظلمة.

  الحكم الرابع: اتفقت الثنوية على كون النور حياً قادراً عالماً لذاته سميعاً بصيراً متحركاً لذاته ثم اختلفوا في القوة على هذه الإدراكات فذهبت الديصانية إلى أن القوة على هذه الإدراكات الخمسة قوة واحدة ولكن الإدراكات مختلفة لاختلاف الآلات وإلا فهي قوة واحدة.

  وأما المانوية فقد زعموا أن القوى في نفسها مختلفة وأن قوة القدرة مغايرة في نفسها لقوة العلم وهكذا القول في قوة السمع والبصر وغيرهما من سائر القوى الخمس.

  وأما الظلمة فأقوالهم فيها مختلفة فذهبت الديصانية إلى أنها غير قادرة ولا عالمة ولا حية ولا سميعة ولا بصيرة ولا هي أيضاً متحركة لذاتها بل هي راكدة.

  وأما المزدكية فزعموا أنها حية ولكنها غير عالمة ولا قادرة ولا سميعة ولا بصيرة.

  وذهبت المانوية إلى أنها موصوفة بهذه الصفات ولكن الفرق بينها وبين النور هو أنها تستعمل حياتها وسمعها وبصرها في الشر والأمور القبيحة، والنور يستعمل هذه الصفات في الخير وسائر الأمور الحسنة ... إلى غير ذلك من البدع المسخَّفة والأقوال المزيفة.

  ولهم في كيفية امتزاج النور والظلمة وتركب العالم منهما أقوال ساذجة وخرافات مضحكة قد ذكر بعضها الإمام يحيى # في الشامل تركنا ذكرها لوضوح بطلانها لمن له عقل ينتفع به.