(فصل: والله لا إله غيره)
  قال الإمام يحيى #: وأما المجوس فإنهم من فرق الثنوية فقد دانوا بأن لهذا العالم صانعاً قادراً عالماً حياً، ولهم أقاويل مضطربة.
  قال: ونحن نذكر فرقهم ونرد عليهم مقالتهم، وهم ثلاث فرق:
  الأولى: زعموا أن النور قديم لم يزل وحده وأنه ذو أشخاص وصور، وأن جميع الخير والصلاح والمنافع كلها من جهته وسموه يزدان، وأن الشيطان متولد من شك عرض له.
  وقالوا: إن جميع المضار والشرور والقتل والفساد كلها من الشيطان وسموه: اهرمن.
  ثم اختلفوا في كونه جسماً ومحدثاً، فالأقلون منهم زعموا أنه قديم وأنه ليس جسماً، والأكثرون منهم ذهبوا إلى أنه محدث وأنه جسم.
  ثم اختلفوا في حدوثه فمنهم من قال إنه حدث من شك عرض ليزدان وفكرة ردية، ومنهم من زعم أن حدوثه كان من عفونات الأرض.
  الفرقة الثانية: زعموا أن النور في الأزل كان خالصاً ثم بعد ذلك امتسخ بعضه فصار ظلمة فلما رآها النور كرهها وذمها، وقالوا: إن الشيطان متولد من تلك الظلمة التي كانت ممسوخة من النور وأضافوا إلى النور جميع الخير والصلاح، وأضافوا إلى الشيطان جميع المضار والفساد كما زعمه الأولون.
  الفرقة الثالثة: ذهبوا إلى أن النور والظلمة قديمان كلاهما وزعموا أنه كان بينهما خلاء كانا يجولان فيه ويختلطان بسببه.
  وقالوا: إن كل خير فهو من النور وإن كل شر فهو من الظلمة، ثم روي عنهم أنهم زعموا أن الدنيا كانت ذات بهجة وسرور سليمة عن الآفات والمصائب وأن إبليس كان بمعزل من النور وكان محله في الظلمة فدار بشياطينه حولها فتعذر عليه دخولها فأعمل رأيه في الخديعة والمكر حتى دخلها بجنوده وهزم الرب بجنوده وتبعه حتى حاصره وحاربه ثلاثة آلاف سنة فدار بينهما للصلح