[المقدمة]
  جزئياته وهو الأنوار المطلقة ولهذا يصح أن يقال إن الله سبحانه خلق لجميع المكلفين عقولاً كالأنوار ليهتدوا بها ويستضيئوا بنورها وإن لم يحصل في حق العاصين والعمين الزيادة الموصوفة بالنشر والفلق وزيادة الإضاءة لَمَّا لم ينتفعوا بعقولهم فلم يزدهم الله نوراً وهداية، قال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}[فصلت: ١٧]، وقال تعالى: {طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ...} الآية [محمد: ١٦]، وأيضاً لو قيل: عقل كالإصباح أي: كالصبح أي: الفجر أو عقل كالإضاءة لكان خطلاً من القول، وأيضاً لا مانع من أن يكون مثل قوله: ذهب الأصيل ولجين الماء من باب الاستعارة لا التشبيه لما سنذكره إن شاء الله تعالى في ذكر الحقيقة والمجاز والله أعلم.
  والجامع بين المشبه والمشبه به مركب من شيئين وهما الإصابة لما يريد الإنسان من إدراك المرادات بعد التحير والجهل أعني أن الزيادة في العقل والتوفيق بعد الجهل سبب موصل إلى إدراك البغية كما أن النور الحاصل بعد الظلمة سبب موصل إليها.
  (في قلوب أعلام بريته) القلوب: جمع قلب وهو المضغة المعروفة في الإنسان قال في الصحاح: القلب والفؤاد مترادفان، وقال الواحدي: القلب مضغة في الفؤاد معلقة بالنياط؛ فهو أخص من الفؤاد، وقيل: الفؤاد غشاء القلب، والقلب حبته وسويداؤه.
  والأعلام: جمع علم وله معان والأنسب هنا أن يراد به الجبل المرتفع شبه العلماء بالأعلام بجامع الاهتداء قال #: وهم الذين نور الله بصائرهم واختارهم لوراثة الأنبياء $ من العلماء الأخيار حتى كانوا - شيد الله بنيانهم وكثرهم - أعلاماً أي: جبالاً مرتفعة على كل بقاع.
  وبريته: خلقه أي: مخلوقه وإثبات المكان لذلك التوفيق المشبه بالنور استعارة تخييلية وجعله في القلوب؛ لأنها محل العقل كما يأتي إن شاء الله تعالى.