شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[الرد على من زعم أن مع الله إلها غيره]

صفحة 466 - الجزء 1

  خَلَقَ)} أي: انفرد به ({وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣[المؤمنون: ٩١]) بقهره إياه كما يرى في ملوك الدنيا من التغالب والتكافؤ، وفي هذا الاستدلال إشارة إلى دليل السمع الذي احتج به الله سبحانه وهو قوله ø: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}⁣[الأنبياء: ٢٢]، والاستدلال بالسمع في مثل هذه المسألة يصح اتفاقاً لعدم توقف صحة السمع عليها، والقرآن الكريم مشحون بالآيات الناطقة بتوحيد الله سبحانه وتنزيهه عن الند والمثل.

  فإن قيل: منع من الاختلاف الحكمة إذ هما حكيمان.

  قلنا: صحة التمانع حاصلة وإن منعت الحكمة من وقوعه.

  بيانه: أن الحكمة إنما تمنع مما تعلق به القدرة وذلك هو الوقوع فأما الصحة فلا تعلق بها قدرة، وما أدى إلى صحة تقدير المحال محال.

  (و) أيضاً لو كان مع الله آلهة غيره تعالى عن ذلك (لرأينا آثار صنع كل إله) متميزاً عن صنع غيره، (ولأتتنا رسلهم)؛ إذ لا بد للإله من رسول إلى عباده ينبئهم بما يجب عليهم من أداء شكره مما يوجب عليهم من طاعته لاستحالة ملاقاته وفي هذا إشارة إلى قول علي # في وصيته لابنه الحسن #: «واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه».

  (ولم يقع شيء من ذلك) الذي ذكرناه (فهو) أي: عدم وقوع شيء من ذلك لا يخلو (إما أن يكون لعدم الآلهة إلا الله، فهو الذي نريد) ويقضي به العقل.

  (أو) يكون (للاضطرار) من بعض الآلهة (إلى المصالحة) لما يتولد من المنازعة والمحاربة من الفساد (أو) يكون (لقهر الغالب) من الآلهة (المغلوب) منهم، (وأياً ما كان) من الاضطرار أو القهر (فهو عجز) من المضطر والمقهور (والعجز لا يكون إلا للمخلوقين) فهو من خواص المحدثين، (إذ هو) أي: