(فصل): في الكلام على من أثبت الذوات في العدم
  واذكر صلاح الهدى والدين مصقعهم ... من حاز من قمة المجد السنا العالي
  ومما قاله السيد العلامة عماد الدين يحيى(١) بن منصور بن العفيف | في معنى ذلك قوله من قصيدة له طويلة:
  إن الخلاف بكل فن ممكن ... إلا الأصول فإنه لم يؤثَرِ
  الحق فيها ظاهر متيقن ... والقول فيها واحد لم ينكر
  فدع الخلاف إلى الوفاق تورعاً ... فطريقة الإجماع غير منكّر
  كم بين معتمد لقول ظاهر ... ومقال حق واضح لم ينكر
  ومجاوز حد الوفاق مخاطر ... قد صار بين مفسق ومكفر
  من خارج أو مرجئ أو رافضٍ ... أو ذي اعتزال مبدْعٍ أو مجبر
  أو غير ذلك من مذاهب جمة ... حدثت ودين محمد عنها بري
  يكفيك من جهة العقيدة مسلم ... ومن الإضافة أحمدي حيدري
  قوم قفوا في الدين منهج جدهم ... يا حبَّذا من منهج متخيَّر
  جعلوا جهاد النفس قبل جهادهم ... للظالمين وكل ضد مفتري
  ثم استقاموا حافظين لملة ... مرضية ومقالة لم تنكر
(١) يحيى بن منصور بن المفضل بن الحجاج المفضلي، الهدوي، القاسمي، السيد العلامة عماد الدين. اشتهر بعلم الكلام، وقرأ على أخيه المفضل بن منصور، وقرأ أيضاً على عبد الله بن زيد العنسي، وتتلمذ له السيد صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين، كان سيداً عالماً محققاً في العلم والفنون، وبلغ في علم الكلام الغاية القصوى، حتى يروى أنه قرأ في أصول الدين نيفاً وأربعين كتاباً، اختار منها مذاكرته وشرحها، وكان ضارباً فيه باليد البيضاء سالكاً فيه المحجة الغراء، برز فيه على سائر الأنام، له مصنفات عديدة من أجودها (جمل الإسلام) وشرحها شرحاً فائقاً، وله أشعار عجيبة غريبة فصيحة عزم لزيارة صنوه العفيف إلى شظب فتوفي في الطريق في موضع يسمى سهل البون. (طبقات الزيدية باختصار)