شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الكلام على من أثبت الذوات في العدم

صفحة 496 - الجزء 1

  زعموا لكان لفظ موجود كذلك) أي: يطلق عليها في الأزل، (ولكانت) حينئذ (لا أول لوجودها) كما زعموا أنه لا أول لثبوتها، (وبطلان ذلك) أي: وجودها في الأزل وأنه لا أول لوجودها (متفق عليه) منا ومنكم ولم يخالف في ذلك إلا من أنكر حدوث العالم.

  (وأيضاً) أي: ونرجع رجوعاً إلى الاحتجاج عليكم فنقول: (علم الله تعالى متعلق بصفة ما سيكون) التي هي الصفة (الوجودية)؛ لأن الله سبحانه يعلم صفات المعدوم كما يعلم ذاته وهذا لا يمكن أحداً دفعه، وقد زعمتم أنه يستحيل تعلق علم الله سبحانه بالمعدوم، (فلو كان) تعلق علم الله بالمعلوم (يوجب الثبوت) أي: ثبوت المعلوم في الأزل (لزم أن يكون ما سيكون) من الذوات المعدومة (موجوداً في الأزل؛ لثبوت صفته الوجودية).

  وإنما قلنا لثبوت صفته الوجودية (لصحة تعلق العلم بها كالذات) سواء فكما أن تعلق العلم بالذات يوجب ثبوتها بزعمكم كذلك تعلق العلم بصفة الذات يوجب ثبوت تلك الصفة (لعدم الفرق) بين الذات وصفتها في ذلك التعلق.

  (وذلك) أي: كون ما سيكون موجوداً في الأزل (معلوم البطلان عند الجميع) من العقلاء ملحدين أو موحدين، فإن الملحدين يعلمون بضرورة عقولهم حدوث البيضة والإنسان.

  فإن قالوا: إن الله سبحانه لا يتعلق علمه بصفة ما سيكون الوجودية وإنه لا يعلم هذه الصفة إلا من بعد وجوده.

  قلنا: هذا هو المحال وهو أن يعلم الذات ولا يعلم صفتها فإن من علم الذات علم صفتها الوجودية قطعاً؛ لأنه يستحيل تعقل الذات خالية عن صفتها الوجودية كما يستحيل تعقل الصفة خالية عن الموصوف.

  وأيضاً فيلزمكم أن يكون الله تعالى جاهلاً حيث لم يعلم صفة ما سيكون الوجودية.