شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الكلام على من أثبت الذوات في العدم

صفحة 498 - الجزء 1

  وأنه لا يصح العلم بانفراد ذوات العالم عن الأعراض، ولا العلم بانفراد الأعراض عن ذوات العالم، وأنه لا دليل في العقل ولا في السمع يدل على أن شيئاً سوى الله تعالى ليس بجسم، أو صفة جسم لا توجد منفردة عن محل.

  وأنه سبحانه وتعالى عالم بكل شيء من صفة وموصوف، وأن علمه بذلك فيما لم يزل لا يوجب ثبوت شيء من خلقه قبل أن يجعله شيئاً ولا ثبوت شيء من أفعال عباده قبل أن يفعلوها.

  وأنه لا يجوز أن يوصف بالثبوت فيما لم يزل إلا الله وحده لا شريك له.

  وأنه سبحانه قادر على أن يخلق خلقاً بعد خلق إلى ما لا نهاية له ولا يجوز أن توصف مقدوراته سبحانه بأنها ثابتة فيما لم يزل لأجل كونه قادراً فيما لم يزل ولا بأنها لا نهاية لها لأجل كونه سبحانه قادراً لذاته.

  قال: ومذهب المعتزلة أن ذوات العالم أجسام وأعراض يصح العلم بكل واحد منها على انفراده، وأن صفاتها أمور زائدة عليها لا توصف بأنها هي هي ولا غيرها ولا شيء ولا لا شيء، ولا فرق عندهم في ذلك على الجملة بين الباري سبحانه وبين غيره.

  وأن كل شيء معلوم لله سبحانه فيما لم يزل فإنه يجب أن يكون ثابتاً فيما لم يزل ولذلك لم يمكنهم أن يفرقوا بين ذات الباري سبحانه وبين سائر الذوات في الوصف بالثبوت فيما لم يزل ولا في أنه يصح العلم بكل واحدة منها على انفرادها وأن كل مقدور له سبحانه يجب ثبوته فيما لم يزل لأجل كونه سبحانه قادراً فيما لم يزل.

  ويجب أن تكون مقدوراته لا نهاية لها لأجل كونه سبحانه قادراً لذاته أو لما هو عليه في ذاته على حسب اختلافهم في الموجب لكونه قادراً.

  قال: ومما يدل على بطلان مذهب المعتزلة: هو أن تسمية الجوهر جوهراً والعرض عرضاً فرع على معرفة الفرق بينهما؛ لأنه لو لم يكن بينهما فرق لم يكن