باب الاسم والصفة
  الحاجب(١)) والجويني وغيرهم: (لم تقع) أي: الدينية بل هي باقية على أصل وضعها اللغوي، ولذلك حكموا بأن المؤمن هو المصدق، وأنه من أهل الجنة.
  (قلنا) رداً عليهم: لا شك أن (المؤمن لغة: هو المصدِّق، و) لكنه (قد صار اسماً) بنقل الشارع (لمن أتى بالواجبات، واجتنب المقبحات بدليل قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} ... الآية) وهي: {لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}[الأنفال]، فبين تعالى حقيقة المؤمنين بطريق الحصر بإنما وأنه من أتى بهذه الخلال المذكورة مع اجتنابه لكبائر العصيان لأن الكبائر محبطة للطاعات كما سيأتي إن شاء الله تعالى وهذا خلاف وضع الإيمان اللغوي.
  فعرفنا بذلك أن الشارع قد نقله عن معناه اللغوي إلى المعنى الذي بينه الله سبحانه وتعالى.
  (قالا) أي: الشيرازي وابن الحاجب ومن تبعهما: (قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ)} أي: يصدق بالله والتصديق بالله هو الإقرار، وإنما قلنا ذلك لدليل العطف وهو قوله تعالى: ({وَيَعْمَلْ صَالِحًا}[التغابن: ٩]، وحق العطف المغايرة) فلو كان معنى قوله تعالى: {يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} أي: يأتي بالواجبات ويجتنب المقبحات لما عطف عليه قوله تعالى: {وَيَعْمَلْ صَالِحًا}؛ لأنه يكون حينئذ عطفاً للشيء على نفسه وذلك لا يجوز.
  (قلنا) جواباً عليهم: (هو) أي: الإيمان (في هذه الآية حقيقة لغوية) لم ينقل
(١) عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب: فقيه مالكي، من كبار العلماء بالعربية. كردي الأصل. ولد في أسنا (من صعيد مصر) (٥٧٠ هـ)، ونشأ في القاهرة، وسكن دمشق، ومات بالإسكندرية (٦٤٦ هـ)، وكان أبوه حاجبا فعرف به، من تصانيفه الكافية (ط) في النحو، والشافية (ط) في الصرف، ومنتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل وغيرها. (الأعلام للزركلي باختصار).