باب الاسم والصفة
  واعلم أن المجاز يقع في المفرد والمركب فالمفرد مثل: أسد للشجاع، وحمار للبليد، والمركب ما أسند الفعل أو شبهه إلى ملابَس غير ما هو له مثل: شابت لمة الليل، وأنبت الربيع البقل وغير ذلك كثير.
  ويُعدَل إليه عن الحقيقة إما لأمر يرجع إليها كثقلها أو جهلها أو لأمر يرجع إليه كبلاغته وشهرته أو نحو ذلك.
  (خلافاً لأبي علي(١) الفارسي) (و) الشيخ أبي إسحاق(٢) (الإسفرائيني وغيرهما مطلقاً) أي: فإنهم أنكروا المجاز لا في القرآن ولا في غيره وحملوا الماجزات الواردة على الحقيقة، وقالوا: إن الأسد موضوع لكل شجاع.
  (لنا) على وقوع المجاز في لغة العرب والقرآن: (قوله) أي: قول الهذلي في قصيدته التي رثى بها بنيه العشرة بعد أن شربوا من ماء قذفت فيه الحية سمها فماتوا:
  (وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمةٍ لا تنفع)
  والمعلوم أن المنية التي هي الموت لا أظفار لها ولكنه شبهها بالسبع.
  (و) لنا أيضاً (ما يأتي) الآن وفيما بعد في أثناء تقسيم المجاز (إن شاء الله تعالى).
(١) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل، أبو علي: أحد الائمة في علم العربية. ولد في فسا ٢٨٨ هـ، من أعمال فارس، ودخل بغداد سنة ٣٠٧ هـ، وتجول في كثير من البلدان، وقدم حلب سنة ٣٤١ هـ، فأقام مدة عند سيف الدولة، وعاد إلى فارس، ثم رحل إلى بغداد فأقام إلى أن توفي بها. (٣٧٧ هـ). من كتبه: التذكرة في علوم العربية، عشرون مجلداً، [وغيرها]. (الأعلام للزركلي باختصار).
(٢) إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق: عالم بالفقه والاصول. نشأ في أسفرايين (بين نيسابور وجرجان) ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له فيها مدرسة، ورحل إلى خراسان وبعض أنحاء العراق، فاشتهر. له كتاب (الجامع) في أصول الدين، خمس مجلدات، مات في نيسابور (٤١٨ هـ) ودفن في اسفرايين. (الأعلام للزركلي باختصار). وفي الوافي بالوفيات: أبو إسحاق الإسفراييني الأصولي المتكلم الأشعري الفقيه الشافعي.