شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

باب الاسم والصفة

صفحة 553 - الجزء 1

  وقيل: إنه مشتق من التأله وهو التعبد والتنسك، قال رؤبة⁣(⁣١):

  لله در الغانيات المده ... سبحن واسترجعن من تأله

  أي: من تعبد وتنسك فلما كان الخلق يتعبدون لله تعالى سمي إلهاً، ولهذا سموا الأصنام آلهة لاعتقادهم أن العبادة تحق لها.

  والأقرب هو الأول، وهو أن لفظ الله اسم للباري جل وعلا خاص به بإزاء صفة مدح غير مشتق لأنه لو كان مشتقاً لزم أن لا يسمى الباري - جل وعلا - الله في الأزل⁣(⁣٢)، وإنما سمي كذلك بعد وَلَهِ العباد ونحوه مما زعموا أنه مشتق منه فقط.

  وأيضاً لو كان مشتقاً لكان معنى الإله والله واحداً وهو من تحق له العبادة، وهذا وإن قاله بعضهم فإن المشهور عند المحققين خلافه وهو أن الله ليس أصله الإله، وأن الله والإله مختلفان فالإله هو من تحق له العبادة ومن ثم سمت العرب الأصنام آلهة لاعتقادهم أنها تحق لها العبادة.

  وأما الله فإنه لم يطلق في جاهلية ولا إسلام إلا على ربنا جل وعلا. هكذا ذكره النجري في شرحه.


(١) رؤبة بن عبد الله العجاج بن رؤبة التميمي السعدي، أبو الجحاف، أو أبو محمد: راجز، من الفصحاء المشهورين، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. كان أكثر مقامه في البصرة، وأخذ عنه أعيان أهل اللغة، وكانوا يحتجون بشعره ويقولون بإمامته في اللغة. مات في البادية، ١٤٥ هـ وقد أسن. وله (ديوان رجز - ط) وفي الوفيات: لما مات رؤبة قال الخليل: دفنا الشعر واللغة والفصاحة. (الأعلام للزركلي باختصار).

(٢) قال في هامش نسخة (أ) المخطوطة من نسخ الشرح الصغير في مثل هذا الموضع مايلي: يحمل الأزل في كلام المحققين على معنى القدم اللغوي؛ لأنه يستحيل أن يكون اسم في الأزل، وبهذا لا يرد ما ذكره الحسين، فمراد سيد المحققين بقوله: لزم ألا يسمى الباري في الأزل، أي: قبل وجود الخلق، وهو يفهمه صريح كلامه في الاستثناء، حيث قال: إلا بعد وَلَهِ العباد، فتحصل أن مراده أنه يلزمهم ألا يسمي الله ذاته المتعالية الله قبل وجود العباد، فتأمل والله ولي التوفيق. كتبه المفتقر إلى الله سبحانه مجدالدين بن محمد ثبتهما الله تعالى.