باب الاسم والصفة
  فإن قيل: وما المانع من أن يكون لفظ الجلالة مشتقاً من أي: الأشياء المذكورة؛ لأن واضع هذا الاسم هو الباري جل وعلا وهو عالم بما سيكون كعلمه بما قد كان وللمشتق أن يشتق مما سيوجد كما يشتق مما قد وجد، ويكون حقيقة على مذهب الإمام # كما سيجيء كما يقال: إن الله مميت الأحياء ومحيي الأموات قبل حصول الموت والحياة.
  فالجواب والله الموفق: أنه لا دليل على هذا التقدير إلا توهم استواء لفظ الجلالة والإله في معناهما، وقد ثبت اختلافهما بما سبق ذكره والله أعلم.
  فثبت بما ذكرناه أن لفظ الجلالة وهو الله اسم للباري تعالى خاص له بإزاء مدح (وليس بعلم) له تعالى؛ لأن الأعلام لا تفيد معنى سوى تمييز مسماها.
  وقالت (النحاة) وهم أهل علم النحو: (بل هي) أي: الجلالة (علم) له تعالى كسائر الأعلام الغالبة.
  قالوا: وأصله كان إلاهاً فحذف منه الهمزة وأدخل اللام لرفع الشياع الذي ذهبوا إليه من تسمية أصنامهم آلهة وأدغمت لام التعريف في اللام التي بعدها ولزمت كالعوض من الهمزة المحذوفة، ومن ثم تقطع الهمزة في النداء.
  (قلنا) رداً على النحاة: (العلم يوضع لتمييز ذات من) ذات أخرى (جنسها) وهذا هو الفائدة من وضع الأعلام والألقاب، (والله تعالى لا جنس له) حتى يميز بلفظ يخصه من بين جنسه (لما مر) من أنه لا يشبه شيئاً فيستحيل في حقه تعالى أن يكون تميز ذاته جل وعلا عن غيرها بلفظ خاص لها لعدم مشاركة ذاته لسائر الأشياء في شيء من الأشياء.
  (قالوا) أي: النحاة: (أصل الله إله بمعنى مألوه أي: معبود) والإلاهة العبادة، (واللام بدل من الهمزة) أي: من همزة إله أُتِيَ بها لرفع الشياع الواقع بين الإله المعبود حقاً وبين ما سموه آلهة باطلاً بغير حق (فهو من الأعلام الغالبة) على شيء من بعد أن كان ذلك الشيء يصح إطلاقه على ذلك المسمى