شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

باب الاسم والصفة

صفحة 566 - الجزء 1

  قال قائل: فلان ضارب لم يترجح فهم الحالية منه على المضي بخلاف المستقبل فإنه لا يفهم إلا بقرينة تدل عليه، والله أعلم.

  وقال (الجمهور) من علماء أهل علم الكلام وأهل العربية: (بل) خالق ما سيكون (مجاز) في حقه تعالى (لعدم حصول معنى المشتق منه وهو الخلق) فيما كان مستقبلاً (ولافتقاره إلى القرينة) إذ لو أطلق لفظ خالق ونحوه لم يفهم منه إلا حصول مضمونه وقت التكلم أو في الماضي، وأما المستقبل فلا يفهم منه إلا لقرينة دالة عليه كقولنا: الله تعالى خالق القيامة، وزيد ضارب غداً ونحو ذلك.

  قال #: (قلنا) رداً على الجمهور: (الاشتقاق لا يفتقر إلى حصول معنى المشتق منه إذ ليس) حصوله (بمؤثر فيه) أي: في صحة الاشتقاق حتى يقال إنه يفتقر إلى حصوله، (بل للواضع) لِلُّغة العربية (أن يشتق) اسم فاعل ونحوه (من اسم ما سيحصل) في المستقبل (مثل تسميته) أي: مثل تسمية الواضع (له) أي: لما سيحصل فكما صح تسمية الواضع لما سيحصل كذلك يصح الاشتقاق مما سيحصل، (ولا مانع) من ذلك عقلاً.

  ويمكن أن يقال: بل حصول المشتق منه سبب في كون المشتق حقيقة فلو كان المشتق منه معدوماً كان المشتق مجازاً كما أن كون المعدوم نفسه شيئاً مجاز، (وقد حصل) ذلك الاشتقاق في قولنا: زيد ضارب غداً، والله سبحانه وتعالى خالق للقيامة (حيث يطلق) ضارب وخالق (على المشتق له) وهو زيد والباري جل وعلا (قبل حصول معنى المشتق منه) وهو الضرب والخلق في المثال المذكور.

  (وحاله)، كما يقال: زيد ضارب لمن كان يضرب وقت التكلم، والله خالق أرزاق العباد مع إرادة حصول الخلق في حال التكلم، (وبعده) أي: بعد حصول المشتق منه كما يقال: زيد ضارب أمس والله سبحانه خالق آدم # فصار نحو ضارب وخالق يفهم منه أحد المعاني الثلاثة المذكورة (على سواء) من غير فرق بينها وهذا حقيقة وضع الحقائق.