القسم الثاني كتاب العدل
القسم الثاني كتاب العدل
  قال #:
  (كتاب العدل)
  الكلام في العدل راجع إلى أفعال الله تعالى، ما يجوز أن يفعله وما لا يجوز، والكلام في التوحيد راجع إلى معرفة ذاته جل وعلا، وما يحق له من الأسماء، وما يجوز إطلاقه عليه وما لا يجوز، فلذلك وجب تقديم الكلام في التوحيد على الكلام في العدل.
  واعلم أن العدل في أصل اللغة من أسماء الأضداد يقال: عدل أي أنصف وحكم بالحق، ويقال: عدل أي جار ومال عن الحق.
  وهو مصدر يقال: عدل يعدل عدلاً، وقد يراد به الفاعل مبالغة فيقال لمن أكثر من فعل العدل: هو عدل أي عادل كما قيل لمن أكثر من فعل البر هو بَرٌّ أي بار، وحينئذ يطلق على الواحد والمثنى والمجموع، قال زهير:
  متى يشتجر قوم يقل سرواتهم ... همُ بيننا فهم رضا وهم عدل
  وفي عرفها هو: إنصاف الغير بتوفير حقه واستيفاء الحق منه وترك ما لا يستحق عليه مع القدرة عليه وهو مأخوذ من تعادل الشيئين وتساويهما كما يقال في كفتي الميزان إذا تساوتا إنهما معتدلتان.
  قلت: ومن ذلك قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}[المائدة: ٩٥]، أي مثله في التكليف والمشقة، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ}[الأنعام: ٧٠]، أي تفد كل فداء.
  وقد يراد به الفاعل أيضاً فمن أنصف الغير بفعل ما يجب له وأخذ ما يستحق عليه وترك التعرض لما لا يستحق عليه فهو العدل لا محالة.
  وفي اصطلاح المتكلمين: هو العلم بتنزيه الله تعالى عن فعل القبيح.