شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها

صفحة 7 - الجزء 2

  أن لا تتوهمه، (والعدل ألا تتهمه») أي الباري جل وعلا، وهذا الكلام من أفصح القول وأبلغه، وأجمعه للمعاني وأوضحه، الذي لا يقدر عليه إلا من أيده الله سبحانه بأنوار الحكمة، واختصه بفضائل العصمة، كما أشار إلى ذلك كرم الله وجهه بقوله: «وإنا لأمراء الكلام وفينا انتشبت عروقه، وعلينا تهدلت غصونه».

  ألا ترى كيف أحاط # بحقيقة التوحيد والعدل في هذا اللفظ القريب، وأتى في ذلك منه بأعجب عجيب؛ إذ لا توحيد لمن توهم الله سبحانه، ولا يوصف بعدل من اتهمه جل وعلا في فعله.

  واعلم أن حقيقة العدل المراد به الفاعل قد حد بحدود كثيرة وأجودها ما تقدم ذكره إلا أنه لا يقال في الباري تعالى: ولا يخل بالواجب؛ إذ لا واجب عليه تعالى كما سيأتي.

  وقد قيل في حقيقة العدالة في عرف الفقهاء: محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ليس معها بدعة وتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار عليها وعلى الملتبس حاله من المعاصي وترك بعض الصغائر وبعض المباح كالأكل في الأسواق ذكر هذا ابن الحاجب وهذا يختص بالمكلف.

  وقيل غير ذلك.

(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها

  فحقيقة الحسن مطلقاً عقلياً كان أو شرعياً:

  قال أبو الحسين: له تعريفان حقيقي ورسمي: أما الحقيقي فهو: ما للقادر عليه المتمكن من العلم بحسنه أن يفعله ومعناه أنه مأذون له في فعله وليس ممنوعاً منه، وسواء كان الإذن عقلياً كما في المحسنات العقلية أو شرعياً كما في المحسنات الشرعية.

  وأما الرسمي فهو ما ليس للإقدام عليه مدخل في استحقاق الذم.

  قال الإمام يحيى #: وهذا هو الأقوى.