(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها
  قلت: وقد أشار الإمام # إلى هذا بقوله: (الحسن: ما لا عقاب عليه)، سواء كان واجباً أو مندوباً أو مباحاً وهذا أحسن حدوده.
  وحقيقة القبيح مطلقاً أيضاً عقلياً كان أو شرعياً: قال أبو الحسين له تعريفان أيضاً: حقيقي ورسمي:
  أما الحقيقي فهو: الذي ليس للقادر عليه المتمكن من العلم بقبحه أن يفعله، ومعناه أنه ممنوع من فعله سواء كان المانع عقلياً كما في المقبحات العقلية أو شرعياً كما في المقبحات الشرعية.
  وأما الرسمي فهو: ما للإقدام عليه مدخل في استحقاق الذم على بعض الوجوه.
  قال: وقلنا على بعض الوجوه يحترز به عن أمور ثلاثة: منها: صغائر القبائح فإنها قبيحة ومع ذلك لا يستحق الذم فاعلها؛ لأن عقابها مكفر فيما لصاحبها من الثواب، ويُستَحق العقاب والذم عليها إذ ا لم يكن له ثواب يكفرها.
  ومنها: المُلجَأ إلى فعل القبيح فإنه قد وقع منه ما هو بصورة القبيح ولا يستحق عليه الذم.
  ومنها القبائح الواقعة من جهة الصبيان ومن لا عقل له فإنها قبيحة عند بعضهم ولا يستحق فاعلها ذماً عليها.
  قال الإمام يحيى #: وهذا التعريف هو الأقوى.
  قلت: وقد أشار الإمام # إلى هذا بقوله: (والقبيح ضده) أي ضد الحسن وهو: ما يعاقب فاعله، وهذا أحسن حدوده لوضوحه وقلة ألفاظه.
  ولا بد أن يقال: على بعض الوجوه ليدخل في القبيح صغائر الذنوب فإنها قبيحة ولا عقاب عليها وسواء قلنا هي الخطأ والنسيان فقط أم لا، والله أعلم.
  وقد تقدم ذكر ماهية الحسن والقبيح وتقسيم أنواعهما وحدودها وأحكامها في فصل التحسين والتقبيح في أول هذا الكتاب فليرجع إليه.