(فصل): في حقيقة الحسن من أفعال العباد والقبيح منها
  قال #: قال (أئمتنا $ وموافقوهم) من الزيدية والبصرية من المعتزلة: (ولا يقبح الفعل) عقلياً كان أو شرعياً (إلا لوقوعه على وجه من الظلم ونحوه) كالكذب والعبث والجهل وكفر النعمة.
  قال النجري: وضابطها أن نقول: الوجه الذي إذا وقع عليه الفعل كان قبيحاً إما أن يكون من حيث تعلقه بغيره أو من حيث الفعل نفسه؟
  فالأول الكذب والجهل إذ وجه قبحهما كون متعلقهما لا على ما هو به.
  والثاني: لا يخلو إما أن يكون عدم الغرض في الفعل وهو العبث، أو كان ضرراً خالصاً وهو الظلم.
  فإن قيل: فيلزم أن يقبح الظن الذي متعلقه لا على ما هو به لحصول علة القبح.
  قلنا: له مقتضى وهو الأمارة بخلاف الكذب والجهل فلا مقتضي لهما فلو قدرنا أن أحدنا فعل الظن من غير أمارة لكان قبيحاً. انتهى.
  ولعل كفر النعمة خارج عن تقسيمه لأنه يتعلق بغيره وليس تعلقه إلا على ما هو به، وأيضاً فإن الجهل والكذب إنما قبحا لكونهما صفة نقص لا لكون متعلقهما لا على ما هو به، والله أعلم.
  وكذلك القبيح الشرعي كالزنا فإنه لا يقبح إلا لوجه يقع عليه إما كونه مفسدة عند المعتزلة أو كونه مؤدياً إلى كفران النعمة بمخالفة امتثال أمر المالك المنعم عند قدماء أئمة أهل البيت $.
  وإنما لم يقبح الفعل إلا لوقوعه على وجه(١)؛ (إذ الأصل في مطلق الأفعال) أي التي ليس لها جهة حسن ولا قبح (الإباحة) فيكون من الحسن، وإذا كان الأصل في مطلق الأفعال الإباحة علم أنه لا يخرجه عنها إلا وجه تقع عليه، علم ذلك بالعقل كما سيأتي الدلالة عليه قريباً إن شاء الله.
(١) أي: من الظلم ونحوه.