شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل في أفعال الله جل وعلا)

صفحة 42 - الجزء 2

  وقال (أبو الهذيل) محمد بن الهذيل: (بل) الله يوجد الجسم أو يفنيه (بقوله: كن) وبقوله: اِفْنَ - اغتراراً بظاهر قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}⁣[يس]، وقاس عليه الفناء.

  (قلنا): ما ذكرتموه باطل قطعاً؛ لأنه لا دليل على ما زعمتم لا من عقل ولا سمع، ولأنه (يستلزم الحاجة) على الله سبحانه (إليه) أي إلى ذلك العرض (لإحداث الأجسام) وإفنائها والله سبحانه لا تجوز عليه الحاجة فهو الغني عن كل شيء جل وعلا.

  (وإن سلم) لهم ما ذكروه من المحال (فلا يعقل عرض لا محل له)، وما لم يعقل ولم يقم عليه دليل وجب نفيه.

  فإن قيل: قد ثبت أن العالم لا في محل فما المانع من أن يكون هذا العرض لا في محل.

  قلنا: قد ثبت بالدليل القطعي حدوث العالم وكل شيء سوى الله سبحانه وتعالى وكان الله سبحانه ولا مكان لأنه الأول الذي لم يزل، ولا يزال فاستحال أن يخلق الله سبحانه العالم في مكان إذ لو كان العالم في مكان لاستحال حدوثه ولاحتاج المكان إلى مكان والمكان الآخر إلى مكان وتسلسل وهو محال باطل وسيأتي لهذا مزيد شرح في مسألة فناء العالم إن شاء الله.

  (و) أما ما قاله أبو الهذيل من أنه يوجد الجسم ويفنيه بقوله تعالى: كن، وبقوله: افن فليس على ما توهمه بل (القول) الذي ذكره الله سبحانه في الآية وهو قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢} تمثيل و (عبارة عن إنشائه تعالى للمخلوق) وإحداثه له في أسرع من طرفة عين من غير أن يكون هناك قول مقول فعبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك بما يفهمه المخاطب من امتثال أمر الآمر المطاع وحصول مراده عقيب قوله: افعل من غير تراخ.