(فصل): في الإرادة
  قال #: وذلك لأنهم $ يقولون: إن الله سبحانه لما كان عالماً باشتمال الفعل على مصلحة في الإرادة أغناه ذلك عن الإضمار وكذلك لما كان عالماً باشتمال الفعل على المفسدة في الكراهة أغناه ذلك عن الإضمار لا كما ذهب إليه من أثبت له تعالى إرادة هي معنى مخلوق غير مراد ولا محل له؛ لأن ذلك محال في العقول، وأيضاً هو تعالى منزه عن أن يفعل الأشياء مهملة ويجعلها ضميراً له تعالى عن ذلك.
  قلت: وأيضاً يستحيل الإضمار في حقه تعالى؛ إذ لا يعقل الضمير إلا حالاًّ في غيره ويستحيل أن يكون الله تعالى محلولاً أو حالاً كما تقدم.
  قال #: وقال الإمام يحيى # وأبو الهذيل والجاحظ والنظام والبلخي والخوارزمي: إن إرادة الله سبحانه وكراهته هو علمه باشتمال الفعل على مصلحة أو مفسده.
  قال #: وهذا هو عين ما ذهبنا إليه.
  قال: وأيضاً كما أنه سبحانه فاعل لا بآلة اتفاقاً كذلك هو سبحانه مريد لا بهمامة قال تعالى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}[النساء: ٢٦٦]، أي بإرادته، والعلم ليس بإضمار. انتهى كلام الإمام #.
  ولفظ الإمام يحيى # في الشامل: والمختار عندنا أن معنى الإرادة في حق الله تعالى هو علمه باشتمال الفعل على مصلحة فإرادته لأفعاله تعالى هو علمه باشتمالها على المصالح فيفعلها.
  ومعنى إرادته تعالى لفعل غيره هو أمره به وأما كراهته فهي علمه باشتمال الفعل على مفسدة وكراهته لفعل غيره هو نهيه عنه.
  قال: ويدل على ما قلناه هو أنا توافقنا على أنه لا بد من الداعي إلى الفعل في حقه تعالى وهو علمه باشتمال الفعل على مصلحة ولكن زعموا أنه لا بد من أمر زائد على هذا العلم يكون تابعاً له وهو الذي يعنونه بالإرادة، فنقول: إن كون