شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الإرادة

صفحة 63 - الجزء 2

  الإرادة أمراً زائداً على الداعي ليس يعقل إلا أن يكون ميلاً في القلب وتشوقاً من جهة النفس وتوقاناً من جهتها إلى مرادها ويجد الإنسان ذلك من نفسه ويتحققه وهذا المعنى مستحيل في حقه تعالى، ولهذا قلنا: إن معنى الإرادة في حقه تعالى ليس أمراً زائداً على مجرد الداعي وهو علمه باشتمال الفعل على مصلحة.

  فإثبات أمر زائد على ما ذكرناه لا يعقل.

  قال: وهذا الذي اخترناه في إرادته تعالى هو مذهب الخوارزمي وأبي الحسين.

  قلت: وإطلاق لفظ الداعي في حق الله تعالى لا يجوز لإيهامه الخطأ كما سبق ذكره.

  قال: وأما الإرادة في حقنا فهي أمر زائد على العلم والظن والاعتقاد سواء كان المريد مريداً لفعله أو لفعل غيره وذلك أن الواحد منا يجد إرادته من نفسه أمراً زائداً على علمه وظنه واعتقاده بأن له في الفعل نفعاً أو دفع ضرر ويجدها طالبة له ومتشوقة إليه ولا شيء أوضح مما يجده الإنسان من نفسه.

  قال: وهذا بعينه هو مذهب أبي الحسين.

  وأما الخوارزمي فإنه عمم المنع في نفي الإرادة أمراً زائداً على الداعي شاهداً وغائباً وهذا فاسد فإن الواحد منا يجد الإرادة من نفسه أمراً زائداً على علمه وظنه واعتقاده كما حققناه.

  قال: والعجب منه حيث زعم أن الإرادة هي نفس الداعي شاهداً من غير أمر زائد على ذلك وقد ذهب إلى أن المدركية أمر زائد على العلم وأنها تابعة للحيية ومقتضية لها عند استكمال شرائطها وكان استدلاله على أنها زائدة على العلم قوله إني أجد من نفسي أمراً عند الإدراك مغايراً للعلم وأجد عند إدراكي تفرقة ضرورية بين أن أعلم الشيء ولا أدركه وبين أن أعلمه وأدركه فحكم بأن الإدراك زائد على العلم بما يجده من نفسه من التفرقة بين العلم والإدراك وهذا بعينه حاصل في الداعي مع الإرادة. انتهى.