شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[فصل في وصف الله تعالى بأنه مريد]

صفحة 78 - الجزء 2

  واعلم أن العزم على الفعل تقع المؤاخذة عليه، واختلف العلماء هل يكون هذا العزم مشاركاً لمعزومه أو لا؟ فقال بعضهم: يكون مشاركاً للفعل على الإطلاق، في كونه كفراً أو فسقاً لقوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}⁣[البقرة: ٢٨٤].

  وذهب بعضهم إلى أنه غير مشارك بكل حال. وقال بعضهم: إن كان العزم مشاركاً للفعل المعزوم عليه فحكمه حكمه في الكفر والفسق، وإن كان غير مشارك للمعزوم عليه لم يكن لاحقاً به فإن العزم على شرب المسكر ليس فسقاً لما لم يكن مشاركاً له، والعزم على الاستخفاف بالله تعالى أو بأنبيائه يكون كفراً لما كان مشاركاً له في الوجه الذي صار به كفراً، وهذا هو الحق.

  وقال بعضهم: إن الله سبحانه يتجاوز عن هذه المعزومات والإرادات لما روي عنه ÷ أنه قال: «تجاوز الله عن أمتي ما لم تقل أو تفعل»⁣(⁣١).

  ويدل على ما ذكرناه ما روي عنه ÷ أنه قال: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار»⁣(⁣٢) قيل: يا رسول الله فهذا القاتل فما بال


(١) روى نحوه الإمام الهادي # في الأحكام، وروى نحوه محمد بن منصور المرادي في أمالي أحمد بن عيسى #، وروى نحوه الإمام المهدي # في البحر. وروى نحوه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، والنسائي في سننه، والدارقطني في سننه، والبيهقي في سننه، والبغوي في شرح السنة، والحميدي في الجمع بين الصحيحين، وابو نعيم في الحلية وصححه، وإسحاق بن راهويه في مسنده، والخطيب في تاريخ بغداد عن عائشة، والملا في المرقاة، ومسلم في صحيحه، وقال السيوطي في الدر المنثور: وأخرج سفيان والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم به».

(٢) رواه المرشد بالله # في الأمالي الخميسية عن أبي بكرة، ورواه أبو طالب # في الأمالي بلفظ: «إذا تواجه المسلمان ... إلخ»، ورواه البخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، والنسائي في سننه، وأبو داود في سننه، وابن ماجه في سننه عن أبي موسى، والطبراني في الأوسط، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في سننه، وغيرهم.