[فصل في وصف الله تعالى بأنه مريد]
  المقتول؟ فقال: إنه أراد قتل صاحبه.
  وأما ما لم يدخل تحت الوسع من أفعال القلوب فإنه غير مؤاخذ به(١) لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧]، وذلك الخواطر التي ترد على القلب من غير عزم هكذا ذكره الإمام يحيى #.
  قال: وأما إرادة القصد فقد تكون كفراً وهذا نحو أن يريد بسجوده عبادة الشيطان أو الأوثان والأصنام.
  وهذا حيث تعلقت الإرادة بالنفي وقد ذهب أكثر المعتزلة أنها لا تعلق بالنفي، قالوا: إنما تعلق بما تؤثر فيه والنفي لا يفتقر إلى مؤثر.
  قالوا: ونية الصوم وإرادته متعلقة بكراهة المفطرات وأجيب بأنا نعلم أن أحدنا يجد من نفسه إرادة أن لا يكون كذا ويعلمه ضرورة.
  فإن قالوا: إن إرادة أن لا يقوم زيد راجعة إلى الكراهة فإرادة أن لا يقوم هي كراهة قيامه أجيب عنه بأنه يلزم من ذلك قبح إرادة أن لا يقوم؛ لأنها على ما زعمتم كراهة وكراهة الحسن قبيحة مطلقاً، والقيام حيث هو مباح لزيد حسن بلا شك، ويمكن أن يقال إن إرادة أن لا يقوم زيد ليست راجعة إلى كراهة قيامه بل إلى كف نفسه عن القيام.
  ثم وإن كانت راجعة إلى كراهة قيامه فإنه لا يقدح ذلك وإن كان قبيحاً ولهذا ذم الشارع الحسد فنقول: إن القيام حسن وقوعه من زيد وكراهته من عمرو قبيحة ولا مانع من ذلك والله أعلم.
  إلا أنا نقول: ما الدليل على أنها لا تعلق إلا بما يصح تأثيرها فيه؟ فهلا كانت كالاعتقاد يصح بما يؤثر فيه المعتقد وما لا يصح تأثيره فيه.
  فإن قالوا: معقول حقيقة الإرادة تعلقها بما يصح تأثيرها فيه، فإن تعلقت بما
(١) قال في شرح الأساس الصغير في هذا الموضع ما لفظه: لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وكذلك قوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}[الطلاق: ٧].