(فصل) في تعلق الإرادة بالكائنات
  وقد قيل: إن المحبة والبغض غير الإرادة والكراهة.
  قلنا: المحبة إرادة نفع المحبوب، وكراهة ضره، والبغض نقيضها، فثبت أنها راجعة إلى الإرادة والكراهة.
  وأما الغضب فقال الإمام المهدي # في الدامغ: إنه يستعمل على وجهين:
  أحدهما: بمعنى الغيظ نحو أن يقال: غضب عن فعل ولده أو والده أي أغاظه فعلهما وإن لم يحصل في قلبه بغض لهما بأن لا يرضى بهما مضرة ولا فوت منفعة.
  والثاني: بمعنى البغض، ومن ذلك وصف الله تعالى بأنه غضب على الكفار.
  قال: وأما الغيظ فهو فوران النفس لكراهة ما وقع، والفوران حرارات تهيج بسبب الكراهة.
  قيل: وأصله التغير إلى نقصان يقال: غاض الماء إذا ذهب في الأرض.
  والرضا بالفعل إرادته وبالفاعل إرادة تعظيمه ويلحق بما تقدم الحسد فإنه إرادة زوال نعمة الغير والغيرة(١) والغِبْطَة إرادة أن يكون له مثل ما للمغبوط، والموالاة: إرادة المدح والتعظيم، والمعاداة نقيضها. ذكر ذلك في الدامغ.
(فصل) في تعلق الإرادة بالكائنات
  اعلم أنه لما انتهى الكلام في الإرادة في حق الله سبحانه وفي حق العباد حسن أن يذكر تعلقها بالكائنات فقال #:
  (والله [تعالى] مريد لجميع أفعاله، خلافاً لمن أثبت له تعالى إرادةً مخلوقة غير مرادة) وكذلك كراهة مخلوقة غير مرادة وهم من تقدم ذكره من المعتزلة.
  (لنا) عليهم: (ما مر) من الأدلة فلا وجه لإعادته.
  (و) هو تعالى (مريد لفعل الطاعات وترك المقبحات)؛ لأنه أمر بالطاعات ونهى عن المقبحات.
(١) بالفتح مصدر قولك: غار الرجل على أهله يغار غيراً وغيرةً وغاراً. تمت (صحاح). قال: وبالكسر الميرة، وقد غار أهله يغيرهم غياراً أي: يميرهم وينفعهم. تمت (من هامش الأصل).