[تنزيه الله عن إرادة المعاصي والرد على المجبرة]
  شاء تركها ولا عقاب في فعلها ولا تركها.
  (وكل الأحكام) من الوجوب والندب والحظر والكراهة والإباحة (معرفتها واجبة) لتعرف الطاعة والمعصية ويوقف على الحدود.
  فعرفت أن ما ورد بصيغة الأمر من المباحات (كالخبر به) أي كما ورد بصيغة الخبر بالمباح فكما أن معرفة الخبر به ومراد الله منه واجبة كذلك ما ورد بصيغة الأمر ليس المراد من ذلك إلا معرفة المكلف حكمه.
  (و) أما المباحات في الآخرة فإن (الله تعالى مريد لأكل أهل الجنة) في الجنة وشرابهم وتلذذهم بمنكوحاتهم وسائر نعيمهم (وفاقاً لأبي هاشم وخلافاً لأبيه) أبي علي فإنه قال: لا يريد الله أكل أهل الجنة لأنه من المباح.
  قلنا: بل يريده (إذ هو) أي إرادة أكلهم من الله سبحانه (أكمل للنعمة) عليهم من الله سبحانه إذا علموا أن الله سبحانه يريد أكلهم وتلذذهم ولقوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٤٣}[المرسلات].
  (وإذ لا خلاف بين العقلاء أن الموفر العطاء من أهل المروءة والسخاء) من المخلوقين (يريد أن يقبل المعطَى ما وفر إليه) ذلك المعطي من العطاء، بل المعلوم من حال أهل الكرم والسخاء الكراهة لعدم قبول عطاياهم (والله جل وعلا بذلك) أي بإرادة قبول عطاياه وتلذذهم بنعمه (أولى) من عباده، وقد ورد بذلك الحديث، وكيف وكل كرم وسخاء وجود في العباد فمن تفضله وإنعامه.
[تنزيه الله عن إرادة المعاصي والرد على المجبرة]
  قالت (العدلية) جميعاً: (ولا يريد الله) جل وعلا (المعاصي) الواقعة من العبيد العاصين؛ لأنها قبيحة والله يتعالى عن إرادة القبيح، ولأنه تعالى لو أرادها لم يحسن منه جل وعلا النهي عنها ولا العقاب عليها.
  (خلافاً للمجبرة) فإنهم قالوا إن الله تعالى أرادها وأراد كل واقع من العباد.