شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل) في تعلق الإرادة بالكائنات

صفحة 89 - الجزء 2

  (صفة النقص) وهي إرادته لجميع المقبحات المفعولة من العباد وذلك (لأن من أراد) من المخلوقين (من مملوكه الفساد) وظلم العباد (فقد تحلى بصفة النقص عند العقلاء) ولهذا يسفهونه ويصوبون من ذمه وعاقبه على ذلك فكيف بذلك في حق الله رب العالمين تعالى عما يقول به الملحدون علواً كبيراً.

  وأما ما ذكره الرازي فلا نسلم أن الله تعالى هو الخالق لأفعال العباد وأنها متعلقة بقدرته أما أولاً: فلما بينا من الأدلة في خلق الأفعال، ولأن إسناد أفعال العباد إلى غيرهم يبطل الحسن والبديهة ويؤدي إلى بطلان الأمر والنهي ويبطل الدين والشريعة ويهدم قواعد الملة وهذا لا سبيل إليه بحال.

  وأما ثانياً: فهب أنا سلمنا أنه موجد لأفعال العباد على زعمكم فمن أين يلزم أن يكون مريداً لها.

  قالوا: دليله الشاهد فإن الواحد منا لما كان موجداً لفعله كان مريداً له.

  قلنا: وأي فاعل في الشاهد على مذهبكم حتى يمكن الرد إليه والقياس عليه.

  وأما ثالثاً: فإذا جاز عندكم أن الله تعالى يخلق هذه القبائح ثم ينهى عنها فلم لا يجوز أن يخلقها مع كراهته لها وسخطه عليها، والجامع أنه في كلتا الحالتين كاره لها فسقط ما قالوه. ذكر هذا الإمام يحيى # في الشامل.

  (و) أيضاً ما ذكرتموه وافتريتموه على الله سبحانه (رد للآيات المتقدمة) ونحوها واعتسافكم في تأويلها لا ينفعكم لأنه مخالف للعقل ولصريح لغة العرب حسبما قد حققناه، ومن رد آية من كتاب الله كفر إجماعاً.

  (و) أما ما احتجوا به من الآيات فمعناها واضح عند من لم يعمه التعصب والضلال:

  أما (الآية الأولى) وهي: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} فإن (معناها): أنه (لو شاء) الله (لأماتهم قبل فعل المعصية أو) لو شاء (سلب قواهم) فلا يقدرون على فعل المعصية (أو) لو شاء لمنعهم قسراً وإلجاءً بأن (أنزل ملائكة