شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[وصف الله تعالى بكونه صادقا]

صفحة 105 - الجزء 2

  بنفسه على وفق علمه لأن خبره تعالى مطابق لعلمه ولما كان الجهل على الله تعالى محالاً استحال في حقه الكذب؛ لأن الكذب على الكلام النفسي محال، وهذا ما اعتمده الرازي في كتابه النهاية.

  والاعتراض عليه من أوجه:

  أما أولاً: أنه مبني على الخبر النفسي والكلام النفسي وقد مر إبطاله.

  وأما ثانياً: لو سلمنا صحة الكلام النفسي والخبر مع اشتمالهما على التحكم الحامد⁣(⁣١) والسخف فأنتم لم تقيموا دلالة قاطعة على أن من لا يجوز في حقه الجهل فإنه يستحيل أن يخبر بالخبر النفسي على سبيل الكذب وهذه القضية لا تعلم بالضرورة فلا بد من إقامة البرهان عليها.

  وأما ثانياً: لو سلمنا تلازم الجهل والكذب في حقه تعالى وثبت أنه صادق في الكلام النفسي القائم بذاته على زعمكم فما المانع من أن يكون كاذباً في هذا الكلام المركب من الحروف والأصوات الذي نسمعه ونقرأه وحينئذ لا يمكننا الثقة بأخبار الله تعالى التي بلغتنا على ألسنة الرسل في سائر الكتب المنزلة وهذا نكر على قائله وشناعة على مرتكبه.

  ومنها قولهم: أخبر الرسول # بامتناع الكذب على الله تعالى واستحالته عليه وكل ما أخبر به الصادق فهو صدق لا محالة.

  قال: والاعتراض على هذا المسلك الركيك هو أن يقال: إن صدق الرسول متوقف على إظهار المعجز عليه، وإظهار المعجز عليه قائم مقام تصديقه بالقول، وتصديق الله تعالى إياه إنما يدل على صدقه لو قد تقرر وثبت كون الله تعالى صادقاً إذ لو جوزنا عليه الكذب لم يكن الرسول صادقاً فإذاً صدق الرسول مسبوق بالعلم بصدق الله تعالى ومستفاد منه، فلو استفدنا صدق الله من خبر


(١) كذا في الأصل، ولعلها: (الجامد)، والله أعلم.