[معاني الهدى]
  (قال) الله (تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا}) إلى الإيمان بالله تعالى وفعل الواجبات واجتناب المقبحات ({زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: ١٧]) أي زيادة في بصائرهم بتنوير قلوبهم بسبب زيادته جل وعلا في عقولهم.
  (ومثله) أي ومثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} في المعنى وأن الطاعات سبب في زيادة البصيرة (قوله تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}[الأنفال: ٢٩] أي: تنويراً) في قلوبكم أي زيادة في عقولكم (تفرقون به) أي بذلك التنوير (بين الحق والباطل) وتميزون بينهما ويؤيدكم على فعل الطاعات واجتناب المقبحات.
  ومثله أيضاً ما روي عن رسول الله ÷ أنه قال: «ألا إنه من زهد في الدنيا وقصر فيها أمله أعطاه الله علماً بغير تعلم، وهدى بغير هداية، ألا ومن رغب في الدنيا وطال فيها أمله أعمى الله قلبه على قدر رغبته فيها»(١).
  (و) قد يكون الهدى (بمعنى الثواب) من الله تعالى والظفر بالمطلوب والفوز بالحظوة من الرغائب الجزيلة كما (قال تعالى): {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ٤ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥}[محمد]، أي يثيبهم.
(١) أول الخبر: «هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ الله عِلْماً بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ، هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ الله هُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ، هَلْ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُذْهِبَ الله عَنْهُ العَمَى وَيَجْعَلُهُ بَصِيراً؟!». وتمامه: «أَلا وَإنَّهُ سَيَكُونُ أَقْوَامٌ لاَ يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلاَّ بِالْقَتْلِ وَالتَّجَبُّرِ وَلاَ يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الغِنَى إِلاَّ بِالبُخْلِ وَالفَخْرِ وَلاَ تَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمَحَبَّةُ فِي النَّاسِ إِلاَّ بِاتِّبَاعِ الْهَوَى، أَلاَ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ فَصَبَرَ عَلَى الذُّلِّ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى العِزِّ، وَصَبَرَ عَلَى الفَقْرِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الغِنَى، وَصَبَر عَلَى البَغْضَةِ فِي النَّاسِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَبَّةِ لاَ يُرِيدُ بِذَلِكَ إلاّ وَجْهَ الله وَالدَّارَ الآخِرَةَ أَثَابَهُ الله ثَوَابَ خَمْسِينَ صِدِّيقاً». تيسير المطالب في أمالي أبي طالب رقم (٦٦٧) ص ٤٩٦.
(*) رواه الإمام أبو طالب # في الأمالي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي # عن رسول الله ÷ من جملة خبر، والإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة، وكذلك المرشد بالله # في الأمالي من جملة خبر آخر عن الحسن، وروى حديث الحسن أبو نعيم في الحلية، وابن أبي الدنيا في الزهد، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور، والجامع الكبير.