شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه

صفحة 112 - الجزء 2

  وذلك قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} يعني الهدى الثاني، {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ}، يقول: ومن يرد يوقع عليه اسم الضلال، بعد أن استوجب بفعله القبيح: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}⁣[الأنعام: ١٢٥]، فقد بين ø في آخر الآية أنه لم يضله، ولم يضيق صدره إلا بعد عصيانه وكفره وضلاله؛ لأنه يقول: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ}، ولم يقل يجعل الرجس على الذين آمنوا. انتهى.

  (أو) يكون معنى لا يهديهم (لا يحكم لهم بالهدى ولا يسميهم به) لعدم إيمانهم الذي يستوجبون به ذلك.

  قالت (العدلية): ولا يجوز أن يقال: إن الله (لا) يهدي القوم الظالمين (بمعنى أنه) تعالى (لا يدعوهم إلى الخير) ولا يدلهم على الرشاد؛ لأنه ø قد دلهم ودعاهم أبلغ دعاء بما ركب فيهم من العقول وألهمهم إليه من الطاعات وأرسل إليهم من الرسل وأنزل من الكتب ومكنهم من القوة والاستطاعة ووعدهم من الثواب العظيم والنعيم الدائم كما قال عز وعلا: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ١٢ وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ١٣ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ١٤ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ١٥}⁣[الليل]، (خلافاً للمجبرة) فقالوا: يصح أن يقال إن الله لا يدعو الظالمين إلى الخير.

  قالوا: إذ لو دعاهم لأجابوا بناء على قاعدتهم المنهدمة أنه لا يقع غير ما يريده تعال الله عن مقالتهم علواً كبيراً.

  (قلنا) رداً عليهم: (ذلك) القول منكم (رد لما علم من الدين ضرورة لدعاء [الله⁣(⁣١)] الكفار وغيرهم) إلى الإيمان وتصديق رسله À وذلك


(١) ما بين المعقوفين مثبت من المتن.