شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

[المقدمة]

صفحة 70 - الجزء 1

  (وأولها) أي: أول العلوم (صدراً) بالصاد والدال المهملتين أي: تقدماً من حيث إن العلوم الإسلامية مترتبة على معرفة من شرع شرائع الإسلام وهو الله سبحانه، وبالسين المهملة والطاء أي: مكتوباً؛ لأن أول ما فرض الله على عباده معرفته تعالى. هكذا فسره #، ويدل على ذلك قوله ÷ للأعرابي حين سأله فقال: يا رسول الله علمني من غرائب العلم فقال ÷: «وما صنعت في راس العلم حتى تسأل عن غرائبه؟» فقال الرجل: ما رأس العلم يا رسول الله؟ قال: «أن تعرف الله حق معرفته، بلا ند ولا شبيه ولا مثل، واحد ظاهر باطن، أول آخر، لا كفؤ له ولا نظير له فذلك حق معرفته».

  وإنما كان علم الكلام على ما ذكر من الأوصاف (لكونه لبيان معرفة المليك) أي: المالك لجميع ما ذرأ وبرأ وما كان وما سيكون في الدنيا والآخرة.

  (البديع) أي: المبتدع للأشياء من غير أصول أزلية، ومذوت الذوات بعد أن لم تكن ثابتة ولا شيئاً.

  (و) لكونه أيضاً (تقديساً) أي: تنزيهاً (للعليم) بكل شيء كان أو يكون وهو الله رب العالمين، (السميع) أي: المتمكن سبحانه من إدراك كل مسموع سره وعلانيته، فهو سبحانه منزه (عن⁣(⁣١) مشابهة الخلق الضعيف) إنما كان ضعيفاً لاحتياجه إلى صانعه ولجواز الفناء عليه، فتنزه سبحانه عن مشابهة شيء من خلقه.

  (و) عن (الجور) وهو الظلم لعباده (القبيح السخيف) الذي من تحلى به فقد تحلَّى بصفة النقص؛ فهو سبحانه لا يعذب إلا من عصاه ولا يثيب إلا من أطاعه شاكراً لنعمته تعالى، وهو قادر على أن لا يفعل إذ ربنا سبحانه ملّك عباده القُوى والقُدر وجعلهم مختارين في أفعالهم غير مجبرين.

  (وكثر في ذلك) أي: في تنزيه الله من مشابهة خلقه ومن الجور والظلم لعباده


(١) قال في هامش الأصل: من (نخ).