[المقدمة]
  (الخلاف) بين أهل الحق والباطل (والشقاق) من أهل الباطل لأهل الحق، (وقل فيه) أي: فيما ذكرنا (الائتلاف) بين أهل الحق والباطل (والاتفاق) فأهل الحق ينزهون الله سبحانه من مشابهة الخلق ومن الجور والظلم وأهل الباطل لا ينزهون الله من ذلك بل يقولون هو كالأجسام وأنه يعاقب من لا يفعل معصية ويثيب من لا يعمل حسنة وأنه سبحانه يأمر عباده بما لا يطيقون وينهاهم عما لا يدخل في وسعهم الانتهاء عنه تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، (قال الله) سبحانه و (تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ٨}) أي: بغير معرفة منه ولا اهتداء ولا حجة واضحة ({ثَانِيَ عِطْفِهِ}) أي: مائلاً عن الحق متكبراً، والعطف الشق بكسر الشين، والثني العطف بفتح العين وهو المصدر كني(١) بذلك عن التكبر والميل عن الحق لما كان المتكبر المائل عن الحق يثني عطفه أي: يعطف شقه ({لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج] بالنار).
  (أحببت) هذا جواب لما، والمعنى: لما كان علم الكلام كما وصفنا أحببت (أن أكشف المسوح) أي: جهالات الجاهلين المُشْبِهة للثياب السود الكثيفة في الظلمة التي لا يستضاء ما غطته من ورائها وهي الشُّبَه التي زعموا أنها أدلة وحجج على أقوالهم (عن ضئيل) أي: ضعيف (الأقوال) التي وضعها أهل الباطل والزيغ عن الحق حتى يتضح إن شاء الله تعالى لذوي البصائر كونها جهالات موضوعات (في غيابات الظُّلَم) غيابة الشيء: غوره وما غاب منه عن أعين الناظر وأظلم من أسفله قال الأعشى:
  وإن أنا يوماً غيبتني غيابتي ... فسيروا بسيري في العشيرة والأهل
  أراد غيابه حفرته التي يدفن فيها، أي: في قعور أدحال وأهوياتٍ غايبات من
(١) في (ب): كنى.