شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه

صفحة 125 - الجزء 2

  النبي ÷ (أنهم) أي الملائكة (يصرفون أبصارهم عند قضاء الحاجة) أي عند البول والغائط فإذا كان كذلك (فبالحري أنهم لا يرون القلب) فكيف يرون النقطة السوداء.

  (وإن كانت) تلك العلامة (لله فـ) ـالمعلوم أن (الله غني عنها لأنه عالم الغيب والشهادة لا يعزب عنه شيء)، {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ١٩}⁣[غافر]، فالسر والعلن عنده سواء كما أشار إلى ذلك من قال⁣(⁣١):

  يا من يرى مد البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليلِ

  ويرى نياط عروقها في نحرها ... والمخ في تلك العظام النحلِ

  اغفر لعبد تاب من فرطاته ... ما كان منه في الزمان الأول

  إذا عرفت ذلك وأن معنى الختم والطبع الحقيقي في حق الله تعالى يمتنع (فالتحقيق أنه) أي معناهما في حق الله سبحانه مجاز فهو (عبارة عن سلب الله تعالى إياهم) أي الكفار والفساق (تنوير القلب) الذي أودعه قلوب المؤمنين (الزائد على العقل الكافي) في التكليف فأما العقل الكافي الذي تلزمهم به الحجة فهو لا شك معهم بل وأكثر من ذلك يعلم ذلك ضرورة من أحوالهم في محاوراتهم ومناظراتهم ومحافلهم وجحافلهم وتدبير أمورهم وغير ذلك.

  وإنما كان كذلك (لأن من أطاع الله تعالى) بالإتيان بالواجبات واجتناب المقبحات (نور الله قلبه) وزاده هدى (كما قال تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}⁣[التغابن: ١١])، أي يزده هدى ونوراً.

  (و) كما (قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}⁣[محمد: ١٧] وقال تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}⁣[الأنفال: ٢٩] أي: تنويراً كما مر) ذكره في بيان معاني الهدى.


(١) هو الزمخشري. تمت (من هامش الأصل).