(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه
  وثبات قدمها كالشيء الخِلقي غير العرضي ألا ترى إلى قولهم: فلان مجبول على كذا ومفطور عليه يريدون أنه بليغ في الثبات عليه.
  قال: ويجوز أن تضرب الجملة كما هي - وهي ختم الله على قلوبهم - مثلاً كقولهم: سال به الوادي إذا هلك، وطارت به العنقاء إذا أطال الغيبة، وليس للوادي ولا للعنقاء عمل في هلاكه ولا في طول غيبته، وإنما هو تمثيل مثلت حاله في هلاكه بحال من سال به الوادي، وفي طول غيبته بحال من طارت به العنقاء؛
  فكذلك مثلت حال قلوبهم فيما كانت عليه من التجافي عن الحق بحال قلوب ختم الله عليها كقلوب البهائم.
  قال: ويجوز أن يستعار الإسناد في نفسه من غير الله فيكون الختم مسنداً إلى اسم الله على سبيل المجاز وهو لغيره حقيقة فالشيطان هو الخاتم في الحقيقة أو الكافر إلا أن الله سبحانه لما كان هو الذي أقدره ومكنه أسند إليه الختم كما يسند الفعل إلى المسبب. انتهى.
  قلت: وفي هذا الوجه الثالث نظر؛ إذ ليس ثم ختم ولا طبع حقيقة لا من الشيطان ولا من الكافر، والله أعلم.
  (والتزيين) في اللغة (التحسين) يقال: زين عمله أي حسنه.
  قالت (العدلية: والله لا يزين المعاصي) لعباده ويحسنها لهم؛ لأن تزيين القبيح وتحسينه قبيح، والله يتعالى عن القبيح.
  (خلافاً للمجبرة) فقالوا: زين الله تعالى المعاصي وحسنها للعاصين.
  (قلنا: تزيين القبيح صفة نقص والله يتعالى عنها) أي عن صفة النقص.
  (قالوا) أي المجبرة: (قال تعالى: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[الأنعام: ١٠٨])، فنسب التزيين إليه تعالى.
  (قلنا) رداً عليهم: (المراد) تزيين (عملهم اللائق بهم) عمله (وهو المفروض والمندوب، زينه [الله] تعالى بالوعد) عليه (بالثواب والسلامة