شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في بيان معاني كلمات من المتشابه

صفحة 129 - الجزء 2

  من العقاب، فلم يقبلوا إلا ما زينه) لهم (الشيطان من المعاصي كما قال تعالى {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}⁣[الأنفال: ٤٨]، أي: التي عملوها) في معاداة رسول الله ÷ ووسوسته أنهم لا يغلبون ولا يطاقون وغير ذلك (من المعاصي) التي نهاهم الله عنها وكرّهها إليهم كما قال ø: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}⁣[الحجرات: ٧]، ومثل هذا التفسير ذكره الناصر للحق # في كتاب البساط حيث قال في معنى هذه الآية: إن الثابت في عقل كل عاقل منصف أنه تعالى زين وحسن ما أمر به ومدحه ووعد على فعله كريم الثواب وحسن المآب والنعيم المقيم.

  وقال في الكشاف: إسناد التزيين إلى الله مجاز وله طريقان: أحدهما: أن يكون من المجاز الذي يسمى الاستعارة.

  والثاني: أن يكون من المجاز الحكمي، فالأول أنه لما متعهم بطول العمر وسعة الأرزاق وجعلوا إنعام الله عليهم بذلك وإحسانه إليهم ذريعة إلى اتباع شهواتهم وبطرهم وإيثارهم الروح والترفه ونفارهم عما تلزمهم فيه التكاليف الصعبة والمشاق المتعبة فكأنه زين لهم بذلك أعمالهم وإليه أشارت الملائكة À في قولهم: {وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ}⁣[الفرقان: ١٨]، ومثل هذا ذكر الهادي # في جوابه على الحسن بن محمد بن الحنفية في مسائله ومثله ذكر الحسين بن القاسم بن علي العياني $ في تفسيره حيث قال: زينا لهم أعمالهم أي أملينا لهم حتى تزين لهم كفرهم قال: ويمكن أن يكون زين لهم ذلك بالهوى لما فيه من المحنة والبلوى وإنما زين الهوى ليفرق به بين من أحسن وأساء ليثيب الصالحين على صبرهم ويعاقب الطالحين على كفرهم. انتهى.

  والطريق الثاني أن إمهاله الشيطان وتخليته حتى يزين لهم ملابَسَةٌ ظاهرة للتزيين فأسند إليه لأن المجاز الحكمي يصححه بعض الملابسات. انتهى.