(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم
  عن كلام إبليس اللعين لسيدنا آدم # وغيره من النبيين À أجمعين، وقد حكى الله ø في القرآن ما قد سمعت من قَسَمه لآدم وزوجه إنه لهما لمن الناصحين، ولا يكون القسم والحلف إلا بالكلام وإذا أقسم لهما فقد سمعاه.
  إلى قوله #: وأما سائر الناس وما يعارضهم من الوسواس فأكثر ذلك من النفوس وجولانها وتقلب القلوب وخطراتها.
  وقد روي أن إبليس اللعين ربما قارب الإنسان في حال فكره فقوى طبع النفس بما هو من شكله كما يقوى الحر من النار بزيادة مثله.
  وقيل أيضاً: إنه كان يخاطب الناس في أول الزمان ويدعوهم جهاراً إلى العصيان ولسنا نبالي أدعاهم أم لم يدعهم وسواء عندنا كلمهم أو تركهم؛ لأن ذلك لا يوجب في دين الله فساداً ولا يضر من أولياء الله أحداً.
  وقال الإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة: واعلم أن الأمة مجمعة على أن الشيطان يضل الإنسان وقد نطق بذلك القرآن واختلفوا في كيفية إضلاله فقالت الحشوية بالممازجة.
  قال: وقد قدمنا القول والاحتجاج عليهم.
  قال: وعندنا أن إضلاله بمعنى المداناة للإنسان والمقاربة ولأنه يعرف في وجه الإنسان ما يدل على ما في قلبه فيدنو منه إذا علم منه المعصية وهو من جنس النفس؛ لأن النفس تدعو إلى الشهوات وهو والنفس ضدان للعقل فإذا اجتمع ضدان على ضد لهما واحد كادا يغلبانه إلا أن يكون قوياً.
  ألا ترى أن إنساناً لو كان في بعض جسده جرح ويكون ذلك الجرح مما حصل عن الحرارة ثم يدنو من النار ولا يماسها أنه يجد حر النار في الجرح ولا يجده في سائر جسده وذلك لاجتماع حرارة الجرح وحرارة النار، فكذلك إذا