شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم

صفحة 158 - الجزء 2

  دنى⁣(⁣١) الشيطان من الإنسان توافق هو والنفس وذلك فليس بأمر من الله ولا جبر وقد جعل الله للمكلف عقلاً يغلب به النفس والشيطان إذا استعمله فإذا أهمل عقله وأرخى نفسه وتبع هواه كان الشيطان في حكم الغالب عليه، قال الله تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ...} الآية [المجادلة: ١٩]، انتهى.

  وقال الإمام أبو الفتح الديلمي # في تفسير قول الله تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ ...}⁣[إبراهيم: ٢٢]، والألف واللام في الشيطان للجنس، والمراد به المتبوعون الذين أضلوا أتباعهم وأغووا قومهم.

  وقال في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ}⁣[الحشر: ١٦]، والشيطان من المتبوعين في الكفر وهذا مثل ضربه الله تعالى للكافر في طاعته لرؤسائه في الكفر والضلالة وهو عام في كل من هذه صفته.

  وقال # في تفسير سورة الناس وفي الوسواس الخناس وجهان:

  أحدهما: إن الخناس المختفي المستأخر لأن الخنوس الاستئخار فعلى هذا فيه تأويلان:

  أحدهما: أن يكون الخناس الهوى والشهوة اللذان يدعوان إلى الباطل ويصدان عن الحق.

  والثاني: الخناس من شياطين الإنس الذي يأمر بالضلالة وينهى عن طريق الهداية وكل ذلك قد أمرنا بالاستعاذة منه؛ لأن النبي ÷ ذكر المهلكات فذكر منها هوىً متبعاً هو الذي يقوده إلى النار فأمر بالاستعاذة منه، وكذلك الوسواس وسواس الإنسان من نفسه الذي يحدث به نفسه، والثاني: الوسواس من شياطين الإنس الذي يغوي ويضل وينهى عن الطاعة.

  وقال: من الجنة يعني بالجنة ما اجتن في النفس من الشهوة والهوى والناس


(١) في هامش الأصل: دنا.