(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم
  وإن كانت غير محتملة للخطأ فلا شك أن حمل الكلام على المجاز محتمل، وحمل الأدلة العقلية على غير مدلولها غير محتمل، فإذا تعارضا كان التصرف في المحتمل أولى من التصرف في غير المحتمل.
  فعلى هذا يجب تأويل هذه الآي على وجه يكون موافقاً للأدلة العقلية.
  وأما المنهج الثاني: وهو على جهة التفصيل فنذكر في كل واحدة من هذه الآي التي أوردوها معنى يكون موافقاً للحكمة وتقتضيه الأدلة العقلية:
  أما الآية الأولى وهي قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ ...}[الأنعام: ١٢٥] إلى آخرها فقد ذكر في تأويلها وجوهاً كثيرة منها ما ذكره صاحب الكشاف أن المراد بالهدى هو اللطف وبالضلال هو منع اللطف فيكون معناها على هذا هكذا: فمن يرد الله أن يهديه أي يلطف له ولا يريد أن يلطف لأحد إلا إذا كان له في المعلوم لطف يشرح صدره أي يلطف له حتى يرغب في الإسلام ويسكن إليه ويحب الدخول فيه.
  ومن يرد أن يضله أي يخذله ويخليه وشأنه وهو الذي لا لطف له في المعلوم يجعل صدره ضيقاً حرجاً يمنعه ألطافه حتى يضيق قلبه وينبو عن قبول الحق وينسد فلا يدخله الإيمان.
  ومنها: جواب الشيخ أبي علي أن المراد بالهدى في الآية وشرح الصدر ثواب يتعجله المؤمن على إيمانه، والمراد بالضلال وضيق الصدر هو عقاب يتعجله الكافر على كفره فعلى هذا يكون معنى الآية: فمن يرد الله أن يهديه أي يثيبه يعجل له من ذلك في الدنيا فرحاً وسروراً وغبطة، ولهذا يرى المؤمن في الدنيا جَذِلاً فرحاناً ثقة بما عند الله.
  ومن يرد أن يضله أي يعاقبه يعجل له من ذلك في الدنيا ضيقاً وحرجاً وغماً وقلقاً ولهذا ترى الكافر في الدنيا مغموماً لأنه آيس من فرج الله وروحه.
  ومنها غير ذلك. هكذا ذكره الإمام يحيى # في الشامل.