(فصل): في الدلالة على أن الله تعالى عدل حكيم
  الأقط إذا أظهرته في الشمس ليجف.
  قال الإمام يحيى #: والحق عندنا أن مراد طرفة بقوله: أشرني أي صيرني ذا شره كما يقال: أغدَّ إلى آخر كلامه #.
  قلت: وعلى نحو ما تقدم يجري معاني الآي الباقية التي ذكر فيها نفي الهدى.
  قال #: النوع الثاني: الآيات التي يذكر فيها الطبع والختم والغل والحجاب والسد وغير ذلك.
  قال: والجواب عما تعلقوا به من هذا النوع نجريه على منهجين: إجمالي وتفصيلي.
  ثم ذكر # المنهجين على نحو ما مر، فلا حاجة إلى إعادة ذلك كراهة التطويل لكنا نذكر مسلكاً واحداً مما ذكره # لمزيد فائدة فيه، وهو قوله #:
  المسلك الخامس: أنا نقول إن الله تعالى بعجيب صنعته ولطيف حكمته فطر الخلقة الإنسانية وركب فيها العقل والهوى وجعل الإنسان من أجلهما متردد الدواعي فلو خلص العقل عن مزاج الهوى لكانت دواعيه متوفرة على فعل الواجبات والكف عن المحرمات ولو خلص الهوى عن مزاج العقل لكان معدوداً في حيز البهائم فلأمرٍ ما كانت الحكمة في امتزاجهما ولأجلهما تم التكليف فإن هو صدَّر العقل وجعله عمدة له في منازعة الهوى وسلطاناً يقهر به غلبة الشهوة أمن من مكر إبليس وصار قوياً على رفض الشهوات واتباع قضايا العقول.
  وإن هو استجاب ناعق الهوى وجعل العقل في أساره وصيره في ربقة الشهوة صار بتحكيم الهوى كالأسير المنقاد فلم ينتفع بالعقل حيث جعله موطُوءاً بقدم الهوى مقهوراً بسلطان الشهوة.
  فمن أجل هذا جاز أن يقال: ختم الله على قلبه وطبع على لُبِّه فصار بإبعاده للعقل كالممنوع من الانتصار والدفع لمكر إبليس ... إلى آخر ما ذكره #.