(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها
  قال الإمام # في جواب من سأله ما لفظه: وأما قوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود: ١١٤]، وقوله ÷: «المريض تحات خطاياه كما تتحات ورق الشجر» فإن الحسنات والآلام من أسباب التوبة لمن وفقه الله سبحانه إليها قال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا} بأن فعلوا الحسنات {زَادَهُمْ هُدًى}[محمد: ١٧]، ومن الهدى التوفيق إلى التوبة.
  وقال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥]، أي تدعو صاحبها إلى الإقلاع من المعاصي والتوبة عن الفحشاء والمنكر.
  وقال الله في الآلام: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ١٢٦}[التوبة]، فإذهاب السيئات بالحسنات هو ما عرفناه بالأدلة من كون الحسنات من أسباب التوبة المذهبة للسيئة وكذلك القول في الأمراض.
  وأما خبر عائشة عن النبي ÷: «من وعك ليلة ... الخبر» فلا يبعد أن الله سبحانه يجعل عقاب بعض المعاصي المتعمدة في الدنيا كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} - وفي قراءة بعضهم: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} - {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ٣٠}[الشورى]، وإذا كان كذلك في الجميع فما في قولنا تناقض لمن تأمله. انتهى.
  (و) يحسن الألم من الله سبحانه للمكلف المؤمن (لمصلحة له) في الألم (يعلمه الله تعالى كما مر) في غير المكلف ولا يلزمنا معرفتها.
= والبغوي في معجم الصحابة، وعبدالله بن أحمد بن حنبل في المسند كلهم عن أسد بن كرز، ورواه الطبراني في الكبير بلفظ: «إن المرض ليذهب الخطايا»، ورواه ابن عبدالبر في الاستيعاب، ورواه في معجم ابن قانع بلفظ: «الحمى تحت الخطايا ..»، وفي صحيح البخاري: «ما من مسلم يصيبه أذى إلا حاتّ الله عنه خطاياه كما تحاتّ ورق الشجر»، ورواه في مسلم بتغيير في اللفظ لا يخل بالمعنى، وأحمد في مسنده، والدارمي في سننه، والنسائي في سننه، والبيهقي في سننه، والبغوي في شرح السنة، وأبو يعلى في مسنده، والطيالسي في مسنده، وأبو نعيم في الحلية.