(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها
  (و) يحسن الألم من الله سبحانه للمكلف المؤمن أيضاً (لمجموعها) أي مجموع ما تقدم ذكره وهو الاعتبار وتحصيل سبب الثواب وحط الذنوب وحصول المصلحة (لجميع ما مر) من الأدلة.
  (والأدلة السمعية) دالة (على أن الألم في حق المؤمن لحط الذنوب فقط) والمراد أن الآلام سبب في التوبة أو أنها تحط الذنوب بنفسها في حق بعض المكلفين لمصلحة علمها الله سبحانه كما سبق ذكره (كقوله ÷: «من وعك ليلة ..» الخبر) المتقدم (ونحوه) كثير كقوله ÷: «من وعك ليلة فصبر ورضي بها عن الله ø خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»(١).
  وقوله ÷: «إنما مثل العبد المؤمن حين يصيبه الوعك والحمى كحديدة تدخل النار فيذهب خبثها ويبقى طيبها»(٢) وغير ذلك.
  وقال الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق عن النبي ÷ أنه قال: «المؤمن إذا أصابه السقم ثم عافاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل، وأن المنافق إذا مرض ثم عوفي منه كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه» فقال رجل: يا رسول الله، وما الأسقام؟ والله ما مرضت قط، فقال ÷: «قم عنا فلست منا».
  وروي عن النبي ÷ أنه قال لعلي #: «يا علي غم العيال ستر من النار وطاعة الخالق أمان من العذاب والصبر على الفاقة جهاد، وأفضل من عبادة ستين سنة».
  وعن علي # قال: قال رسول الله ÷: «يقول الله ø: أيما عبد من عبادي ابتليته ببلاء على فراشه فلم يشك إلى عواده أبدلته لحماً
(١) رواه البيهقي في شعب الإيمان وابن أبي الدنيا في الرضا عن الله، وفي المرض والكفارات.
(٢) رواه الحاكم في المستدرك وصححه، ورواه البزار في كشف الأستار والبيهقي في شعب الإيمان وابن عبدالبر في التمهيد.