شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر الآلام وما في حكمها

صفحة 191 - الجزء 2

  خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه فإن قبضته فإلى رحمتي وإن عافيته فليس له ذنب».

  قيل: يا رسول الله وكيف ذلك ينبت لحم غير لحمه ودم غير دمه؟ قال: «لحم لم يذنب».

  وعن أم العلاء⁣(⁣١) قالت: عادني رسول الله ÷ وأنا مريضة فقال: «أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما يذهب خبث الذهب والفضة» انتهى.

  (حتى تواتر معنى) أي تواتر معناه لا لفظه فأفاد العلم أنه لحط الذنوب.

  قلت: ظاهر هذه الأخبار [محمولة⁣(⁣٢)] على أن الآلام تحط الذنوب بنفسها ولفظ الذنب يعم العمد وغيره ولا منع من ذلك مع حصول المصلحة التي يعلمها الله سبحانه بذلك، ومع ذلك لا يمتنع أن يحصل بسبب ذلك مصلحة أخرى كتحصيل سبب الثواب وغير ذلك فيكون الألم لمجموعها، فإن فضل الله واسع ونعمه لا تحصى في حالتي الشدة والرخاء.

  (وكقول الوصي #) لمن زاره: («جعل الله ما تجد من شكواك حطاً لسيئاتك» إلى قوله: «وإنما الجزاء على الأعمال» أو كما قال) أي الوصي # وقد تقدم ذكره وفيه تصريح بعدم الثواب على الألم.

  وأما حصول مصلحة غير ذلك للمؤلم فلا مانع منه لسعة رحمة الله وقد قال ÷: «إذا أحب الله عبداً وأراد أن يصافيه صب الله عليه البلاء صباً وثجه عليه ثجاً فإذا دعا العبد قال: يا رباه قال لبيك عبدي لا تسألني شيئاً إلا أعطيتك


(١) قال في لوامع الأنوار: أم العلاء الأنصارية. قلت: قال في الاستيعاب: من المبايعات؛ روى عنها خارجة بن زيد بن ثابت، وعبدالملك بن عمير، كان رسول الله ÷ يعودها في مرضها. وفيه: وذكر ابن السكن أن أم العلاء، التي روى عنها خارجة بن زيد بن ثابت عن النبي ÷ غير أم العلاء التي روى عنها عبد الملك بن عمير؛ وذكر أم العلاء امرأة ثالثة غيرهما. انتهى (باختصار).

(٢) ما بين المعقوفين فيه طمس في الأصل، ولعلها كما أثبتنا، والله أعلم.