(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح
  صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٤}[الرعد].
  قال: واعلم أن الزيادة من الله لبعض خلقه لا تُدخِلُ عليه جوراً ولا ظلماً بل قد أعطى كل واحد من المكلفين في الدنيا من الاستطاعة ما يبلغ به مراده في الدنيا والآخرة وزاد بعض المكلفين ما شاء في الآخرة والدنيا وأقنع كلاً بما أعطاه في آخرته ودنياه. انتهى ما ذكره الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق، وصدق ~.
(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح
  قال #: (والروح: أمر استأثر الله تعالى بعلمه) أي شيء خلقه الله تعالى لا يعلم حقيقته إلا هو جل وعز؛ (لقوله تعالى): {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء: ٨٥])، أي من خلقه وعطيته وآياته التي استأثر بعلمها. وعن أبي بردة: لقد مضى رسول الله ÷ وما يعلم الروح.
  ({وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ٨٥}[الإسراء])، وهو (لا يكون الحيوان حياً إلا به(١)) أي بالروح.
  (وادعاء معرفة حقيقته قريب من دعوى علم الغيب؛ لفقد الدليل) أي لعدم الدليل على معرفة حقيقته فلا دليل على ذلك (إلا التخيل) أي التوهم الكاذب والاستثناء منقطع أي لكن كثيراً من أهل علم الكلام خاضوا فيه وذكروا أقوالاً في ماهيته هي على الحقيقة خيالات لا دليل عليها، ولهذا قال #:
  (فاكتساب أقوال الخائضين فيها ارتواء) الارتواء افتعال من الري وهو شرب الماء بعد العطش (من آجن) أي من ماءٍ متغير كدر شبه حفظ أقوالهم فيه بشرب الماء المتغير، (واستكثار) من الكثرة (من غير طائل) أي من شيء غير نافع ولا حظ فيه غير العبث واللغو والرجم بالغيب، (والله تعالى يقول:
(١) معه (نخ). من هامش الأصل. (معه) من المتن.