شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح

صفحة 229 - الجزء 2

  {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}⁣[الإسراء: ٣٦]) أي لا تتبع ما لا تعلم.

  (ويقول ø في مدح المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}⁣[المؤمنون: ٣]) واللغو هو الباطل والكذب والعبث.

  قال الهادي # في جواب الرازي وقد سأله عن الروح: وأما ما قلت وسألت عنه من صفة الروح وتفسيره - فالروح شيء خلقه الله تعالى قواماً للأبدان وحياة للإنسان به تعمل الجوارح المجعولات وتتصرف الاستطاعة المخلوقة تعدم الجوارح الاستطاعة بعدمه وتثبت فيها استطاعتها بوجوده شيئاً خلقه الله وصوره وجعله بحكمته وافتطره لحياة الأبدان والأعضاء ويعيش به ما جعل الله في الأبدان من الأشياء، به تبصر الأعين المبصرة، وبه تسمع الأذن السامعة، وبه تنطق الألسن وتشم الأنف وتبطش اليدان ويميز القلب وتمشي الرجلان جعله الله قواماً لما حوت الأبدان، ودليلاً على قدرة الرحمن محدود ضعيف تضمه الأبدان المؤلفة وتجمعه الأعضاء المتفرقة ويحويه الجسم ويحده، مخلوق مجعول وكائن بتدبير الله مفعول فهذه صفة الروح وبيان ما عنه سألت منه وشرحه.

  فإن قلت: انعته لي بصفة غير هذه الصفة أقف عليه بها من لونٍ وطولٍ وعرض وغير ذلك من الصفات.

  قلنا لك وأجبناك: بأن الذي ذكرت محجوب عنا استأثر الله بعلمه فأبى أن يطلع أحداً على قدرته فقال لمن سأل نبيئه عما سألت: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}⁣[الإسراء: ٨٥]، يقول: من فعل ربي وخلقه وتدبيره وصنعه والشاهد بالحكمة، ولم يصف الروح بغير ما وصفنا، ولم يستدل عليه بغير ما استدللنا ... إلى آخر كلامه #.

  قال بعض سادة أهل البيت $: وكلام الهادي # في الروح مثل كلام علي # حين سأله اليهودي الذي قال له: أخبرني عن الروح ما هو؟ فإن أبنته لي آمنت من ساعتي.