شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح

صفحة 230 - الجزء 2

  فقال له علي #: «اعلم أن الروح شيء أوجده الله من ملكه وأودعه في ملكه وجعل له أجلاً معلوماً ورزقاً مقسوماً، فإذا فرغ ما لك عنده أخذ ما له عندك».

  فأسلم اليهودي عند سماع ذلك،

  ولا شك أن علوم أئمة العترة تنفجر من يمٍّ واحد ويزهر مصباحها من مشكاة واحدة. انتهى.

  وما ذكره الهادي # هو معنى ما ذكره الناصر للحق الحسن بن علي # حين سأله السائل عن قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}⁣[المؤمنون: ١٤].

  فقال #: التأويل فيه عندنا هو نفخ الروح فيه، وحكى عن أمير المؤمنين # وغيره: أنه نفخ الروح فيه.

  قال #: والخلق الآخر هو الروح المتحركة المأمورة المنهية الدراكة.

  قال: والعقل يدل على ما ذكرناه. انتهى.

  قلت: فلا وجه لقول البستي إنه لا يصح إعادة الضمير في: «أنشأناه» على هذا التفسير إلى الخلق الأول الذي هو المُصَوَّر قبل نفخ الروح فيه وهو عائد إليه لا محالة.

  لأنا نقول: إن الصورة المصورة قبل نفخ الروح فيها وإن كانت هي الصورة الثانية بعد نفخ الروح فيها ولكن لما اختلفت حالتها وتغيرت صفتها فصارت بصنع الله سبحانه ونفخ الروح فيها حية درّاكة وقبل ذلك كانت صورة لا حياة فيها فهي بنفسها صارت بقدرة الله سبحانه ونفخ الروح فيها خلقاً آخر.

  وأما قوله: وساداتنا لا يثبتون الروح حية دراكة مميزة عاقلة متحركة فإن الناصر # ليس بصدد التقليد في ذلك لأنه وإن صرح بأن الروح من خلق الله سبحانه وأنه لا يلزمنا معرفة الروح ما هو؟ حيث قال لمن سأله عن الروح: أيخرج من البدن أو يموت فيه؟ فإن خرج منه إلى أين يكون مأواه من ضيق أو سعة؟