شرح الأساس الكبير،

أحمد الشرفي القاسمي (المتوفى: 1055 هـ)

(فصل): في ذكر ما امتن الله به من الروح

صفحة 231 - الجزء 2

  فقال #: هذه مسألة لو استغفر الله عنها سائلها وأقبل على ما يلزمه كان أولى به فإنه لا يمنع أن يستدل⁣(⁣١) على أن الروح حية دراكة وقد ذكر ذلك الهادي # حيث قال في تفسير قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا}⁣[غافر: ٤٦]، أي أن أرواح الكافرين تخبرها ملائكة الله بكرة وعشياً بما أعد الله لها من النار والجحيم فإذا كان يوم القيامة عند النفخة في الصور الأولى ماتت الأرواح كلها أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين وماتت أيضاً في تلك الساعة الملائكة والجن، ثم ينفخ في الصور النفخة الثانية والصور فهي الصور المصورة ويرجع إليها روحها ثم يحشر كل إلى داره ومكانه.

  ويؤيد هذا ما رواه الواحدي عن ابن عباس أن الروح إذا خرج من الإنسان مات الجسد وصار الروح صورة أخرى تنظر إلى الناس يبكونه ويغسلونه، ولا يستطيع أن يتكلم لأن الجسد جرم والروح كان يصوت من جوفه، وأرواح المؤمنين يجدون ريح الجنة وينظرون إليها، وأرواح الكفار ينظرون إلى النار ويدركون عذابها حتى إذا نفخ في الصور ماتت الأرواح كلها ورفع العذاب عن الكفار فيما بين النفختين فذلك قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، ثم تعاد.

  وقال القاسم بن إبراهيم # في جواب من سأله: وسألت عن الأرواح بعد مفارقتها الأبدان أحية أم ميتة؟ - أرواح المؤمنين إذا فارقت أبدانها في نعيم وكرامة، وأرواح الظالمين إذا فارقت أبدانها في خزي وندامة حتى ترد الأرواح إلى أبدانها في يوم البعث والقيامة، فإذا جاء ذلك فهو التخليد والدوام الذي ليس له فناء ولا زوال.

  وقال الهادي # في جواب مسائل الرازي أيضاً: وقلت كيف يميت الله


(١) أي: الناصر. (من هامش الأصل).